الموارد التعليمية أصبحت في متناول يدك كل ما يخص الشأن التعليمي في الوطن العربي

آخر المواضيع

‏إظهار الرسائل ذات التسميات مقالات. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات مقالات. إظهار كافة الرسائل

الخميس، 28 أبريل 2022

أبريل 28, 2022

دورات تدريبة مجانية ومهمة للمعلمين

 دورات تدريبة مجانية ومهمة للمعلمين  



الدورات التدريبية أصبحت الآن واحدة من الطرق المُساعدة للكثير من التخصصات على التقدم والتطور، كذلك تخصص التعليم حيث تعتبر تلك المهنة واحدة من المجالات المتطورة بشكل دائم سواء في طرق التعليم أو في عملية التفاعل بين الطالب والمعلم، لذلك يحتاج المعلم إلى دورات تدريبية لتنمية بعضًا من القدرات والمهارات المُستخدمة أثناء تأدية تلك العملية.

فوائد الإلتحاق بالدورات التدريبية للمعلمين

فوائد تلك الدورات لعلها تكون واحدة من أسباب الإلتحاق بها ومنها 

  1. زيادة المهارات بشكل عام مما يؤدي إلى تميز المعلم في مهنته.
  2. المساهمة في الإطلاع على جميع التطورات التي تخص هذا التخصص بشكل مستمر.
  3. تنمي تلك الدورات روح التعاون بين الطالب والمعلم مما يؤدي إلى خلق علاقة فريدة من نوعها بينهما، والتي لا تحصر فقط على عملية التعلم بل تمتد للعديد من النواحي الأخرى.
  4. المدرسة تعتبر المنزل الثاني الذي يبقى فيه الطفل لوقت طويل وتؤثر في تكوين شخصيته بشكل لا بأس به، أثناء عملية التكوين يجب أن يعوض غياب الأسرة المعلم، لذلك تساعد تلك الدورات التدريبية على الوصول إلى ذلك الهدف بنجاح.
  5. معرفة استراتيجيات التعلم الصحيحة وكيفية تطبيقها.
  6. زيادة جودة العملية التعليمية مما يؤثر على نواحي عديدة سواء على حياة الطالب أو على حياة المجتمع بوجه عام.
  7. تحسين مستويات المعلم مما يساعده على الإبداع والتفوق في مهنته.
  8. خلق بيئة من التفاعل ليس بين المعلم والطالب فقط، بل بين المعلم والآخر.





الجمعة، 10 سبتمبر 2021

سبتمبر 10, 2021

كيف ننقذ أولادنا من التكنولوجيا ؟

 تربية الأطفال تربية سليمة في ظل عالم التكنولوجيا.



يتعرض الأطفال للتكنولوجيا في سن مبكرة جدًا. لا يمكننا إيقاف هذا ، ولكن يمكننا مساعدتهم على تعلم كيفية استخدامه بطريقة مسؤولة والبقاء آمنين على الإنترنت ، إذا أرادوا ذلك.


يتعرض الأطفال للتكنولوجيا منذ صغرهم ويحتاجون إلى تعليمهم كيفية عملها حتى يتمكنوا من الحفاظ على سلامتهم. تتمثل الخطوة الأولى في تعليمهم الأجهزة المختلفة وما يجب عليهم فعله وما لا يجب عليهم فعله بها.


مع ظهور التكنولوجيا ، أصبح من الصعب بشكل متزايد تربية الأطفال بشكل سليم. يتعرض الأطفال للعنف والمواد الإباحية وغير ذلك من الفواحش بشكل يومي ؛ ومع ذلك ، هناك العديد من الطرق التي يمكن للوالدين من خلالها حماية أطفالهم من هذه المخاطر.


ينشأ الأطفال اليوم في عالم تنتشر فيه أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية ، ويمكن أن يتعرضوا لمعلومات أكثر بكثير مما كان عليه آباؤهم. في حين أن هذا له العديد من الفوائد ، إلا أنه يعني أيضًا أن الأطفال بحاجة إلى تعلم كيفية التعامل مع هذه المعلومات بمسؤولية وأمان. يجب أن يكون الآباء على دراية بالمخاطر المحتملة التي يواجهها أطفالهم عند استخدام التكنولوجيا واتخاذ خطوات لمساعدتهم على تجنب هذه المشاكل.


ينمو أطفالنا في عالم رقمي متزايد. أدى ظهور الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية وأجهزة الكمبيوتر وغيرها من التقنيات إلى تغيير الطريقة التي نعيش بها حياتنا - لدرجة أنه من الصعب تخيل شكل الحياة قبل وجود هذه الأجهزة.


هل تعرف كيف تربي أطفالك بشكل سليم في عالم التكنولوجيا؟ الخبر السار هو أن هناك بعض الإرشادات في تربية الأطفال عندما يتعلق الأمر بالتكنولوجيا.


نمو الطفل مهم جدا. يجب على الآباء توجيههم لاتخاذ القرارات الصحيحة في سن مبكرة حتى يتمكنوا من النمو مع القيم الجيدة. أصبح العالم قرية صغيرة بفضل التكنولوجيا التي تجعل الاتصال أسهل وأسرع من ذي قبل. نحن نعيش في عصر تنتقل فيه المعلومات بسرعة الضوء!


تربية الأطفال تربية سليمة في ظل عالم التكنولوجيا. تربية الأطفال بشكل سليم في ضوء عالم التكنولوجيا - أن تكون والدًا ليس بالأمر السهل ، ولكن قد يكون الأمر أكثر صعوبة عندما يتعين عليك تربية طفلك بين وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من التقنيات المتقدمة حتى الآن.


يمكن أن يمثل الأطفال والتكنولوجيا تحديًا ، ولكن من المهم الموازنة بين فوائد التكنولوجيا وحاجة الأطفال إلى التطور بطرق أخرى.


في الماضي ، كان العديد من الآباء قلقين بشأن استخدام أطفالهم للتكنولوجيا. لكن أطفال اليوم يكبرون في عالم لا يمكن فصلهم عنه.

الأحد، 13 يونيو 2021

يونيو 13, 2021

إتاحة موقع تسجيل استيفاء ملف الترقي إلكترونيًا للتربية والتعليم



 أعلنت #وزارة_التربية_والتعليم والتعليم الفني، عن إتاحة موقع تسجيل استيفاء ملف الترقي إلكترونيًا للعام 2020/2021 للسادة المعلمين والمديرين والموجهين ولجان التقييم بالإدارات عبر رابط موقع بيانات كادر المعلم:  http://academy.emis.gov.eg ، وذلك اعتبارًا من يوم الثلاثاء الموافق 15/6/2021 وحتى يوم الثلاثاء الموافق 31/8/2021. 


جاء ذلك في ضوء موافقة الدكتور طارق شوقي، #وزير_التربية_والتعليم والتعليم الفني، على آليات حوكمة ورقمنة عمليات الترقية، والاعتماد على نظام النقاط في تقييم مكونات ملف الترقي، واستيفاء ذلك إلكترونيًا تنفيذًا لرؤية مصر 2030 في مجال #التحول_الرقمى، وفي إطار تنظيم إجراءات الحصول على شهادة الصلاحية اللازمة للترقي إلى الوظائف الأعلى من وظائف المعلمين. 


وعلى السادة المعلمين المرشحين للترقي بمتابعة الدخول على موقع بيانات كادر المعلم: 

‏http://academy.emis.gov.eg لاستيفاء بنود استمارة ملف إنجاز المعلم إلكترونيًا، كما سيتم الإعلان خلال الأيام المقبلة عن إجراءات الالتحاق بالبرنامج التدريبي اللازم للحصول على شهادة الصلاحية اللازمة للترقي. 


وقد تم مخاطبة المجلس الأعلى للأزهر بشأن إتاحة موقع تسجيل استيفاء ملف الترقي إلكترونيًا للعام 2020/2021 للسادة المعلمين والمديرين والموجهين ولجان التقييم بالمناطق الأزهرية عبر رابط الموقع أعلاه، اعتبارًا من يوم الثلاثاء الموافق 15/6/2021 وحتى يوم الثلاثاء الموافق 31/8/2021.


والجدير بالذكر أنه سيتم الإعلان خلال أيام عن إجراءات التقدم لبرامج الإدارة المدرسية والتوجيه الفني والإدارة التعليمية وآليات دفع تكاليف تلك البرامج والحصول على شهادة الصلاحية اللازمة، وذلك في إطار استعدادات المديريات التعليمية لعقد المسابقات الخاصة بالتقدم لشغل وظائف مدير ووكيل مدرسة ووكيل ومدير إدارة تعليمية ووظائف التوجيه الفني.

الأحد، 6 يونيو 2021

يونيو 06, 2021

مصريون يكشفون سر تأثير «فرط الحرارة» على علاج السرطان


 

"فرط الحرارة" (hyperthermia)، إحدى أقدم تقنيات علاج الأورام السرطانية، ولا تزال تُستخدم بوصفها علاجًا موضعيًّا لبعض أنواع السرطانات، من خلال هذه التقنية يتم تسخين أنسجة الجسم البشري إلى درجات حرارة محددة وآمنة؛ بهدف تدمير الورم السرطاني دون تأثر الأنسجة السليمة.

وينجم عن "فرط الحرارة" العديد من التأثيرات الخلوية السامة للخلايا السرطانية، كإعاقة قدرتها على الانقسام، وإتلاف هيكلها الخلوي، واصابتها بالخلل الوظيفي وتلف الحمض النووي؛ فالخلايا السرطانية أكثر حساسيةً للحرارة من الخلايا السليمة، لأن الورم يوجد في بيئة صغيرة لا تسمح بتلقِّي ما يكفي من الأكسجين والمواد المغذية، فتصبح خلاياه أقل مقاومةً لأي تأثير خارجي، كما يُعزِّز "فرط الحرارة" من فاعلية العلاج الكيماوي والإشعاعي للسرطان؛ إذ يزيد من تدفق الدم إلى الورم، ما يحسّن من اختراق العلاج الكيميائي للأورام الخبيثة.

لكن في المقابل، فشل "فرط الحرارة" في تعزيز فاعلية قائمة أساسية من أدوية السرطان لأسباب مجهولة، وهو لغز حاول فريق بحثي مصري فك رموزه، ونجح بالفعل في اكتشاف الآلية الجزيئية التي تقف وراء ذلك الفشل، بالإضافة إلى تحديد دور درجات الحرارة العالية في حماية المادة الواثية من الطفرات الجينية الناجمة عن علاجات السرطان، جرى نشر نتائج الدراسة في العدد الأخير من دورية (Cancers)المتخصصة في أبحاث السرطان.

كسور المادة الوراثية

وأوضح البروفيسور المصري شريف الخميسي، أستاذ الطب الجيني، ورئيس قسم الأبحاث بجامعة شيفيلد في المملكة المتحدة، وأحد المشاركين في الدراسة، أن العلاج الكيماوي يقضي على الخلايا السرطانية عبر إحداث كسور في المادة الوراثية لتلك الخلايا، والتي تتأثر بصورة كبيرة مقارنةً بالخلايا السليمة؛ لأن معدل تكاثرها يكون أكبر، ووجدنا أن درجات الحرارة العالية تعطل تلك العملية، وبالتالي تقلل من التأثير الذي يُحدثه العلاج الكيماوي في الخلايا السرطانية والخلايا السليمة أيضًا.

وتابع: "دراستنا توصلت إلى أن "فرط الحرارة" يحمي المادة الوراثية من التأثير الضار لإنزيمات "نوكلياز" (Nucleases)، التي تقوم بتكسير المادة الوراثية على نحوٍ عشوائي، كما أن غياب تلك الإنزيمات يعطي الفرصة لبروتينَي (TDP1) و(TDP2) لأداء عملهما فى إصلاح الكسور الناشئة عن فشل عمل إنزيمات "التوبوإيزوميراز" بشكل سليم.

وعن أهمية تلك النتائج، شدد على أن العلاج الكيماوي ينتج عنه عادةً ما يُسمى بالأورام الثانوية كأحد الأعراض الجانبية؛ لأن كسور المادة الوراثية التي تنتج عن هذا العلاج رغم أنها مفيدة لقتل الخلايا السرطانية، لكنها تُحدث آثارًا جانبية تصيب الخلايا السليمة، ويمكن أن تؤدي إلى طفرات في إنزيمات "التوبوإيزوميراز" المسؤولة عن حمايتنا من الأورام، ما يُعرِّض المرضى لزيادة فرص الإصابة بأورام ثانوية فيما بعد -غالبًا ما تكون "أورامًا في الدم- بالإضافة إلى أبرز الآثار الجانبية التقليدية الشائعة مثل سقوط الشعر".

وأضاف أن الفريق وجد أنه عند إدخال "فرط الحرارة" بالتزامن مع العلاج الكيماوي، فإنه يمكن منع حدوث هذه العملية؛ لأن الحرارة المرتفعة تُوقف حدوث الطفرات الجينية التي تقود إلى الأورام الثانوية، وبالتالي تقلل من الآثار الجانبية للعلاج الكيماوي على الخلايا السليمة.

وأوضح أنه خلال تجارب الدراسة جرى تعريض خلايا السرطان البشرية المصابة لدرجة حرارة ما بين 41-42 درجة مئوية في جهاز الحاضنة (Incubator)، وذلك لا يؤثر على الخلايا السليمة.

وتابع أنه في حال تم إجراء تجارب سريرية على البشر، فإن الأمر لن يختلف كثيرًا، إذ ستُجرى العملية في أثناء أخذ علاج جرعة الكيماوي، بطريقتين: الأولى عبر تعريض الجسم بأكمله لدرجة حرارة 41-42 درجة مئوية، أو عبر تعريض العضو المصاب بالأورام فقط لـ"فرط الحرارة".

وتوقع "الخميسي" أن يستفيد من هذا النهج كبار السن المصابون بالسرطان أكثر من الشباب، لأن الجسم يحافظ على درجة حرارة 37 مئوية طوال العام، بعض النظر عن موقعه والطقس الذي يعيش فيه، لكن قدرة الجسم على الحفاظ على درجة حرارة 37 إلى 37.5 مئوية تنخفض كلما تقدّم الإنسان في العمر، مقارنةً بالشباب تحت سن 40 عامًا، وبالتالي فإن أجسام كبار السن لن تقاوم التعرض لدرجات الحرارة العالية، وستستفيد من ذلك بشكل أكبر من حيث زيادة فاعلية علاجات السرطان، بصورة أكبر من أجسام الشباب.

بدايات العلاج

وعن بدايات استخدام العلاج بـ"فرط الحرارة"، قال الخميسي: إن درجات الحرارة العالية استُخدمت خلال القرن الماضي في علاج أورام مثل أورام الجلد والثدي، كما استُخدمت أيضًا لإزالة بقايا الخلايا السرطانية في الأعضاء الداخلية، عقب عمليات إزالة الأورام، لضمان القضاء على كل الورم في العضو المصاب، وتقليل فرص عودته، وتشير الدراسة إلى أن هذا النهج في استخدام درجات الحرارة العالية في العلاج من بعض الأمراض ربما يعود إلى 5 آلاف سنة قبل الميلاد.

وأضاف في حديث لـ"للعلم" أن درجات الحرارة العالية بُنيت عليها استخدامات علاجية حديثة لاستهداف السرطان؛ إذ يعتبر "فرط الحرارة" من أساسيات أبحاث علاج السرطان بجزيئات الذهب النانوية، التي يعمل عليها العالِم المصري الدكتور مصطفى السيد وعدد من الفرق العلمية في أنحاء مختلفة من العالم.

وأشار إلى أنه رغم تأثير "فرط الحرارة" المُثبت منذ سنوات طويلة في زيادة فاعلية علاجات السرطان، لكنه وبشكل استثنائي، يحمي الخلايا السرطانية من تأثير الأدوية المثبطة لـ"التوبوإيزوميراز"، ومنها "إرينوتيكان" و"توبوتيكان" و"كامبتوثيسين"، وهي ضمن قائمة منظمة الصحة العالمية للأدوية الأساسية للسرطان، وهو الأمر الذي مثَّل لُغزًا محيِّرًا منذ سنوات طويلة، لذلك عكفنا على تفسير هذه الفجوة المعرفية في دراستنا التي استمرت 5 سنوات.

ومثبطات "توبوإيزوميراز" هي علاجات كيماوية تتداخل مع إنزيمات الـ"التوبوإيزوميراز" (Topoisomerase) التي تُسهم في تعديل طوبولوجيا الـحمض النووي "DNA"، وتتحكم في التغيرات التي تطرأ على بنيته.

وكانت هذه الورقة البحثية هي موضوع رسالة دكتوراة للباحث المصري محمد عاشور، حينما كان طالبًا في مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا، وهو الآن يعمل في أمريكا، حيث كانت الرسالة تحت إشراف "الخميسي"، كما شارك في الدراسة عدد من الباحثين المصريين من مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا، وجامعتي بورسعيد وقناة السويس، ومستشفى 75375.

نتائج واعدة        

من جانبه، يرى محمود سلامة -المدرس في قسم الطب الباطني في جامعة تكساس ساوث وسترن الأمريكية- أن الدراسة تقدّم نتائج واعدة ومبشرة، وتفتح بابًا واسعًا لإجراء تجارب مستقبلية لرصد زيادة فاعلية علاجات السرطان الكيماوية والإشعاعية والحد من تأثيراتها الجانبية.

وأضاف في تصريحات لـ"للعلم" أن الدراسة تركّز على فكرة استهداف الخلايا السرطانية بالعلاج الكيماوي والإشعاعي، مع زيادة درجات الحرارة بغرض إتلاف الحمض النووي، دون التأثير على الخلايا السليمة، وهو أمرٌ ليس بالجديد، لكن الجديد الذي قدّمه الفريق البحثي أنه راقب الخلايا التي تُعبّر عن إنزيم الـ"التوبوإيزوميراز" المسؤول عن إعطاء الحمض النووي شكله النهائي، وذلك لأن هذا الإنزيم يكون نشطًا في الخلايا السرطانية، لذا يتم استهدافه بالعلاجات الكيماوية والإشعاعية المثبّطة له؛ لرفع معدلات تلف الخلايا السرطانية ووقف انقسامها.

واعتبر أن نتائج الدراسة تفسح المجال أمام إمكانية التغلب على مشكلات الأدوية المثبطة للـ"التوبوإيزوميراز" بالتزامن مع "فرط الحرارة"، كما أن خطواتها تمت على مستوى الخلايا بطريقة منهجية للغاية؛ لأنها منعت التعبير عن الـ"التوبوإيزوميراز"، بالتزامن مع رصد تأثير "فرط الحرارة" على الخلايا، بالإضافة إلى أن الفريق كان موفّقًا في تحديد درجة الحرارة بدقة عند 42-43 درجة مئوية دون التأثير على البروتينات الأخرى في الخلايا.

وأشار "سلامة" إلى أن الدراسة تفتح المجال لمقارنة بيئة الخلية السرطانية مع الخلية السليمة، على مستوى إمداد الأكسجين وعملية الأيض ودرجة الحرارة ومعدل انقسام الخلايا، بالإضافة إلى إمكانية استخدام "فرط الحرارة" في التغلب على التأثيرات الجانبية المصاحبة للعلاج الكيماوي والإشعاعي في المستقبل.

ونوّه في الوقت ذاته، بأن الدراسة يمكن أن تقود إلى تجارب واعدة تُجيب عن علامات استفهام كثيرة تتعلق بهذه العملية، أبرزها مراقبة تأثير ارتفاع درجات الحرارة في التجارب التي سيُجريها الفريق على الحيوانات لفهم آلية تدمير الخلايا السرطانية، والحد من سُميّة العلاجات الكيماوية والإشعاعية، وما إذا كان هناك تأثير لارتفاع درجات الحرارة على الأيض الداخلي (Metabolic profile) للخلايا السرطانية أم لا، وذلك من خلال فحص الخلايا المأخوذة من الفئران المصابة، التي تعرّضت للعلاج بالحرارة مع العلاج الكيماوي أو الإشعاعي، وقياس معدلات ما يسمى بمركبات الأكسجين التفاعلية (Reactive oxygen species).

وتابع "سلامة" أن التجارب المستقبلية يمكن أن تُجيب أيضًا عن تساؤل يتعلق بآلية تدمير الخلايا السرطانية، وإمكانية إحداث تأثيرات عكسية، عن طريق استهداف مسار إصلاح سلاسل الحمض النووي المزدوجة (DDR pathways).

وأضاف أن النتائج يمكن أن تشجع كذلك على تنفيذ الخطوات التي اتبعها الفريق مع أدوية "إرينوتيكان" و"توبوتيكان" على فئة أخرى من الأدوية التي تستهدف إنزيمات الـ"التوبوإيزوميراز"، مثل فئة الـ"دوكسوروبيسين"، في محاولة لتقليل تأثيراتها الجانبية الخطيرة، مثل التهاب الأعصاب الطرفية، بالإضافة إلى السمّية القلبية (Cardiotoxicity)‏ التي ينجُم عنها حدوث خلل وظيفي في كهربية القلب أو تلف في العضلات القلبية.

وعقّب "الخميسي" قائلًا: "الفريق بدأ بالفعل دراساته على نماذج من الفئران المصابة بالسرطان؛ لإعطائها جرعات من عقار "إرينوتيكان"، وسنقارن فاعلية العلاج مع التعرُّض لدرجات الحرارة العالية أو من دونه، ومدى تأثير ذلك على إصابتها بالأورام الثانوية، لتأكيد ما تم التوصل إليه من نتائج أُجريت على خلايا بشرية مصابة بالسرطان، وهي مرحلة تسبق التجارب السريرية على البشر".

ويرى أن أنواع الأورام التي يمكن أن تكون أكثر استفادةً بهذا النهج العلاجي القائم على "فرط الحرارة" هي الأورام الصلبة، التي تشمل سرطانات الثدي وعنق الرحم وبطانة الرحم والمبيض والرئة والدماغ وغيرها.

الوقاية بـ"الحرارة المرتفعة"

هل يؤدي العيش في البلدان ذات الطقس الحار إلى وقايتنا من السرطان؟ سؤال أجاب عنه "الخميسي" من واقع نتائج الدراسة، مشيرًا إلى أن هناك ملحوظة يتم رصدها منذ فترة كبيرة، وهي أن الدول التي ترتفع فيها درجات الحرارة، ينخفض معدل إصابة سكانها بالسرطان على نحوٍ كبير، مقارنةً بالدول ذات الحرارة المنخفضة مثل الدول الإسكندنافية على سبيل المثال، وهنا يمكن أن تعطينا نتائج الدراسة تفسيرًا منطقيًّا لذلك؛ لأن درجات الحرارة العالية تقلل من حدوث الأورام السرطانية بشكل عام، وليس فقط خلال تلقي العلاج الكيماوي، لأن إنزيمات "التوبوأيزوميراز" موجودةٌ بشكل طبيعي في الإنسان، ويمكنها في الحالات الطبيعية أن تحمي الإنسان من تطور السرطان، عند تعرُّض الجسم لدرجات حرارة مرتفعة.

وفرّق "الخميسي" بين تعرُّض الجسم لدرجات حرارة مرتفعة بسبب الطقس الحار، وتعرُّض الإنسان المفرط لأشعة الشمس التي تسبِّب سرطان الجلد، مشيرًا إلى أن أورام الجلد تنتُج عن الضرر الذي يَلحق بالحمض النووي في خلايا الجلد من جَرَّاء الأشعة فوق البنفسجية الموجودة في ضوء الشمس، وليس بسبب الطقس الحار.

قطعة من اللّغز

في حين أكد سامح حمدي -أستاذ الكيمياء الحيوية والبيولوجيا الجزيئية وعميد كلية الصيدلة بجامعة حلوان في مصر- أن الدراسة تكشف تفاصيلَ لم نكن نفهمها من قبل، فيما يتعلق بتأثير درجات الحرارة العالية على بعض الإنزيمات المسؤولة عن إصلاح الـ"DNA"، وبالتالي تأثيرها على فاعلية بعض الأدوية المستخدمة في علاج السرطان، كما أنها ستفيد في العلاجات التجريبية التي ستُستخدم فيما بعد لعلاج المرض.

وأضاف لـ"للعلم"، أن هذه النتائج تكشف قطعةً من اللّغز، لأننا لم نصل بعد إلى الفهم الكامل لهذه العملية، لكنها تعتبر خطوةً في طريق العلم، وستفيد علماء آخرين في هذا المجال، وسيتبعها بالطبع خطوات مقبلة؛ حتى تكتمل الصورة، ونصل إلى الفهم الكامل لهذه العملية.

وأوضح أن النتائج ستفيد أيضًا مَن يعملون على عقاقير جديدة، كأدوية محتملة لعلاج السرطان، وتعتمد بشكل أساسي على تأثير فرط الحرارة، لأنها توضّح جانبًا كان مُظلمًا بالنسبة لهم، ربما يُسهم بشكل كبير في زيادة فاعلية تلك الأدوية الجديدة في مواجهة السرطان.

وأشار "حمدي" إلى أن فهم هذه العملية على نحوٍ أفضل، يقود إلى زيادة فاعلية الأدوية، ويسهم بشكل كبير في تقليل آثارها الجانبية؛ لأن زيادة الفاعلية تقود إلى تقليل الجرعة، وبالتالي انخفاض الآثار الجانبية التي تعتبر من أكبر مشكلات علاجات السرطان؛ لأن معظم الأدوية المتاحة للمرض حاليًّا، سواء القائمة على العلاج الإشعاعي أو الكيماوي، هي علاجات قاتلة للخلايا، ومشكلتها الكبيرة تتركّز في الجرعات العالية التي يتعرض لها المريض، وتنجم عنها آثارٌ جانبية كبيرة، ومن هنا توجه العالم أكثر إلى أدوية العلاج الموجه للأورام السرطانية، لتقليل الآثار الجانبية للأدوية على أعضاء الجسم المختلفة، والتركيز فقط على المناطق المصابة بالأورام.

الجمعة، 28 مايو 2021

مايو 28, 2021

كيف ينتقي ألزهايمر ضحاياه من خلايا الدماغ؟.. علماء يحلّون اللغز



يُحدث داء ألزهايمر تدهورًا وموتًا في الخلايا العصبية الدماغية، يصاحبه انخفاض مستمر في قدرة المرضى على التفكير والتذكر، بالإضافة إلى تراجُع مهاراتهم المعرفية والسلوكية والاجتماعية.

وثمة لغز محير ارتبط طوال السنوات الماضية بداء ألزهايمر، الذي يُعد أحد أبرز أسباب الإصابة بالخَرَف، الذي يداهم -وفق موقع منظمة الصحة العالمية على الإنترنت- 50 مليونًا حول العالم، ومن المتوقع أن يتضاعف هذا العدد ثلاث مرات بحلول عام 2050.

وعلى مدار الأعوام السابقة، اكتشف علماء الأعصاب أن الخلايا العصبية لا تتأثر بالتساوي نتيجة الإصابة بألزهايمر؛ فبعض أنواع الخلايا في مناطق معينة من الدماغ أكثر تعرضًا للتدهور بشكل غامض، في حين يظل بعضها الآخر سليمًا، يتعلق هذا اللغز بالتنكس العصبي الذي يحدث بشكل انتقائي في الخلايا العصبية؛ إذ تموت خليّة معينة في الدماغ، في حين تبقى جارتها دون أن يلحقها مكروه.

باحثون في معهد جلادستون للأمراض العصبية في سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة، عثروا مؤخرًا ضمن نتائج دراسة جديدة على أدلة جزيئية جديدة تُساعد -لأول مرة- في تفسير ما الذي يجعل بعض الخلايا العصبية في الدماغ أكثر حساسيةً من غيرها للتأثر من جَرَّاء الإصابة بألزهايمر.

وأوضحت الدراسة المنشورة في العدد الأخير من دورية "نيتشر نيوروساينس" (Nature Neuroscience) أن الخلايا العصبية التي تحتوي على مستويات عالية من بروتين يسمى (apoE) أكثر حساسيةً للتدهور، وأن هذه الحساسية ترتبط بدور هذا البروتين في عملية تنظيم جزيئات الاستجابة المناعية داخل الخلايا العصبية.

يادونغ هوانغ، أستاذ أمراض المخ والأعصاب بمعهد جلادستون للأمراض العصبية، سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة الأمريكية، وقائد فريق البحث، قال: "إن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها الربط بين بروتين (apoE) والاستجابة المناعية داخل الخلايا العصبية، وهو أمرٌ مثيرٌ للغاية، ويمكن أن يفتح مساراتٍ جديدةً لتطوير علاجات لمرض ألزهايمر".

وأضاف لـ"للعلم" أن الدراسات الإضافية التي يطمح الفريق لإجرائها، يمكن أن تكشف عن أهداف جديدة محتملة للعلاجات التي قد تكون قادرةً على تعطيل هذه العملية المدمرة في مرض ألزهايمر، وربما في الاضطرابات العصبية التنكسية الأخرى أيضًا.

تقنية حديثة

لطالما كان بروتين (ApoE) محورًا لأبحاث مرض ألزهايمر؛ لأن الأشخاص الذين يحملون جينًا معينًا ينتج شكلًا منه يسمى (apoE4) يكونون أكثر تعرضًا للإصابة بالمرض، لذا ركّزت الدراسة على توظيف التقنيات الحديثة، لكشف الدور المحتمل لهذا البروتين في توليد الحساسية المتغيرة للخلايا العصبية لدى مرضى ألزهايمر.

استخدم الفريق تقنيةً تُعرف باسم تسلسل الحمض النووي الريبي أحادي الخلية (scRNA-Seq) التي تكشف عن مدى التعبير عن الجينات المختلفة في خلية مُعيّنة، وتحويلها إلى (RNA)، وهو الوسيط بين الجينات والبروتينات، وأتاح هذا النهج للباحثين مقارنة الخلايا المختلفة، كل واحدة على حدة، وكذلك عبر أنواع مختلفة من الخلايا.

واستخدم الفريق هذه التقنية لدراسة أنسجة المخ في الفئران السليمة والفئران المصابة بألزهايمر، كما حلَّلوا عيناتٍ من أنسجة المخ البشري، بعضها من أدمغة أشخاص أصحاء، والبعض الآخر من أدمغة أشخاص أصيبوا بدرجات متفاوتة من مرض ألزهايمر أو ضعف إدراكي خفيف.

وأظهرت النتائج في كلٍّ من الفئران والبشر، أن الخلايا العصبية تختلف اختلافًا كبيرًا في مدى التعبير عن (apoE) حتى داخل النوع الفرعي نفسه من الخلية، بالإضافة إلى ذلك، كان مقدار التعبير عن (apoE) مرتبطًا بقوة بالتعبير عن جينات الاستجابة المناعية، والتي تتفاوت أيضًا بشكل كبير بين الخلايا العصبية.

من جانبها، قالت كيلي زالوكوسكي، عالِمة الأعصاب بمعهد جلادستون للأمراض العصبية، والباحثة الرئيسية للدراسة: "لقد استخدمنا تقنية التسلسل الفردي للخلية (Single-cell sequencing) من أجل النظر في التعبير الجيني للخلايا الفردية في أدمغة الأشخاص المصابين بألزهايمر، وكذلك في نماذج الفئران المصابة بالمرض".

وعن وظيفة تلك التقنية، أضافت لـ"للعلم"، أنها تُستخدم عادةً للتساؤل عن الكيفية التي تتغير بها فئةٌ من الخلايا، مثل الخلايا العصبية، عندما يعاني شخصٌ ما من مرض مثل ألزهايمر، ما فعلناه هو أن نسأل: لماذا يموت بعض الخلايا العصبية في حالة الإصابة بداء ألزهايمر، بينما تبقى خلايا أخرى من النوع نفسه على قيد الحياة؟".

وتابعت: "من المعروف منذ مدة طويلة أن (ApoE) يُعد أكبر عامل خطر وراثي منفرد للإصابة بألزهايمر، والذي يعتقد العديد من العلماء أن الخلايا العصبية تنتج القليل جدًّا منه، أو لا تنتجه على الإطلاق، لكن نتائج دراستنا كشفت أن الخلايا العصبية هي التي تُصنّع الـ(ApoE)، وما توصلنا إليه هو فقط مجرد خطوة أولى في سلسلة من الإشارات التي تؤدي إلى موت تلك الخلايا".

تدمير الخلايا العصبيّة

أما "هوانغ" فقد أوضح أن الدراسة قد أثبتت أن الخلايا العصبية التي تُصنّع (apoE) مسؤولة أيضًا عن تصنيع بروتين يسمى (MHC-I)، وهو المعروف بمعقد التوافق النسيجي الرئيسي من الدرجة الأولى، أو "المركّب الرئيسي للتلاؤم النسيجي"، وهو فئة من جزيئات الإشارات المناعية التي تتعرف عليها الخلايا المناعية التي يمكن أن تأتي بعد ذلك وتُدمر تلك الخلايا العصبية، وهذه النتيجة تكشف الدور المناعي لجين (apoE) في الخلايا العصبية، ما يفتح طريقًا جديدًا للبحث عن علاجات محتملة لألزهايمر.

ووجد الفريق أنه في أنسجة المخ، تتقلب نسبة الخلايا العصبية التي تعبر عن مستويات عالية من (apoE) و(MHC-I) بطريقة تتطابق تطابُقًا وثيقًا مع التنكس العصبي وتطور ألزهايمر، وقد لاحظوا هذه العلاقة في نماذج الفئران وأنسجة المخ البشري في مراحل مختلفة من التنكس العصبي، كما أظهرت النتائج أيضًا وجود صلة سببية بين التعبير الزائد عن (MHC-I) الناجم عن (apoE) وزيادة التجمعات المتشابكة لبروتين يسمى "تاو"، التي تُعد سمة مميزة لمرض ألزهايمر ومؤشرًا على حدوث التنكس العصبي.

وبناءً على النتائج، قارن "هوانغ" بين دور (apoE) و(MHC-I) في الظروف الطبيعية، وعند الإصابة بألزهايمر، موضحًا أنه عند الأصحاء، يقوم (ApoE) بتشغيل عملية التعبير عن بروتين (MHC-I) في عدد صغير من الخلايا العصبية التالفة، لإنتاج إشارات تُدعى (Eat me)، وظيفتها تحديد الخلايا العصبية التالفة في المخ لتدميرها بواسطة الخلايا المناعية، فهي لا تريد الاحتفاظ بالخلايا العصبية التالفة حولها؛ لأنها قد تتعطل وتتسبب في حدوث مشكلات، أبرزها أمراض التنكس العصبي.

لكن في حال الإصابة بألزهايمر -والكلام لـ"هوانغ"- فإن عملية إزالة الخلايا التالفة قد تصبح مُفرطة النشاط، ما يؤدي إلى فقدان الخلايا العصبية بشكل تدريجي ليشمل ذلك التالفة والسليمة، وهذا يحدث فقط في الخلايا العصبية التي تزيد فيها مستويات التعبير عن (apoE)، أما الخلايا التي تكون فيها مستويات التعبير منخفضةً فإنها تظل سليمة، ومن هنا جاءت فكرة حدوث تنكس عصبي انتقائي للخلايا في مرض ألزهايمر.

أطلس الخلايا البشرية

من جانبه وصف محمد سلامة -الأستاذ المشارك في معهد الصحة العالمية والبيئة البشرية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة- نتائج هذا البحث بأنها سيكون لها مردود ثوري في مجال دراسة الأمراض العصبية وعلاجها بشكل عام، وخاصة الدراسات الجينية المتعلقة بكشف مسببات الأمراض.

وأضاف لـ"للعلم" أن نتائج البحث ترد على التساؤل التقليدي الذي يشغل بال علماء الأعصاب، وهو: لماذا يحدث الضرر في خلايا معينة دون أخرى في مرض ألزهايمر أو باركنسون؟ وما الأساس الذي يحدد ذلك؟ موضحًا أن الفريق اعتمد في الإجابة عن هذا التساؤل على تحليل (Single-cell sequencing)، وهذا اتجاه جديد يسلكه العلماء حاليًّا لفهم طبيعة معظم الأمراض، ويعتبر خطوةً تالية بعد الاهتمام الكبير الذي منحه العلماء في السنوات الأخيرة لدراسة الجينات بغية معرفة العوامل الوراثية المسببة للأمراض.

وحول مميزات هذا الاتجاه، أفاد "سلامة" بأن هذه التقنية تمنحنا نظرةً فاحصة على مستوى الخلية الواحدة، ليكشف لنا أن كل خلية في الجسم لها تعبير مختلف عن تعبير الأخرى، إذ يؤدي عدم التجانس الخلوي هذا أدوارًا حاسمةً في حدوث الأمراض والاستجابات الدوائية، ومن هنا بدأ العالم يتجه إلى تأسيس أطلس أو مرجع شامل لجميع الخلايا البشرية(Human Cell Atlas)، على غرار الجينوم المرجعي، باعتباره أساسًا لفهم صحة الإنسان وتشخيص الأمراض ومراقبتها وعلاجها، ولمعرفة الاختلافات في مدى التعبير عن الجينات في خلايا المخ على سبيل المثال لدى الأفارقة والأوروبيين وغيرهم من الشعوب.

وأشار إلى أن هناك خطوات اتُّخذت مؤخرًا في هذا الاتجاه ، ومنها ما تفعله منظمة (CZI) التابعة لمارك زوكربيرج مؤسس فيسبوك، التي تعمل على تمويل الأبحاث المتعلقة بدراسة بيولوجيا الخلية (Single-Cell Biology) في المجموعات السكانية، بهدف الوصول إلى طرق تحليلية جديدة تساعد المجتمع العلمي على تخزين البيانات الخاصة بالخلايا، للمساعدة على فهم كيفية نشوء الأمراض في خلايا الجسم وأنسجته.

ونوه بأن ثاني الدروس المستفادة من هذه الدراسة أنها تُعد مؤشرًا على أهمية تعدُّد البنوك الحيوية، وعدم الاكتفاء بعينات الدّم لدراسة تسلسل الجينات، وهي مؤشرات لم تعد كافيةً لرصد مسببات الأمراض المختلفة رغم أهميتها، بل يجب الوصول إلى عينات من خلايا العضو المصاب بالمرض، محفوظة في "بنوك الدماغ" التي تحتوي على خلايا مأخوذة من أدمغة المرضى المتوفين، للوصول إلى فهم مسببات الأمراض التي تصيب الدماغ وعلى رأسها ألزهايمر، ولقد بدأت دول مثل أمريكا وبعض دول أوروبا مؤخرًا في إنشاء تلك البنوك، لتسهيل إجراء "تحليل الخلية الواحدة"؛ وذلك لصعوبة الوصول إلى عينات الدماغ في الظروف الطبيعية، على غرار العينات المأخوذة من الكبد على سبيل المثال.

وعن أهمية النتائج فيما يتعلق بإيجاد علاجات فعالة لألزهايمر في المستقبل، أوضح "سلامة" أنها ستمثل خطوة مهمة في هذا الإطار؛ لأنها ستركز على فكرة تطوير مركبات دوائية تستهدف وقف التعبير عن الجينات المسببة للمرض أو إبطاءه، دون اللجوء إلى تقنيات "التحرير الجيني" الأكثر تعقيدًا.

آلية الالتهام الذاتي

وأشار "سلامة" إلى أن ما يميز نتائج الدراسة أيضًا أنها تضيف بُعدًا جديدًا لمسببات ألزهايمر وغيره من الاضطرابات العصبية التي تنتج في الأساس عن تراكُم البروتينات السامة التي لم يتخلص منها بشكل سليم في المخ نتيجة خلل فيما يُعرف بآلية "الالتهام الذاتي" (Autophagy)، وهي آلية تدمير طبيعية تُفكّك -بصورة منظّمة- المكوّنات الخلوية غير الضرورية أو التالفة، لكن الدراسة أثبتت أن ذلك لا يحدث بسبب خلل أو تعطُّل في هذه العملية، ولكن نتيجة التحفيز المفرط لهذه العملية، فإن الجسم لا يتخلص فقط من الخلايا التالفة، بل يُدمِّر الخلايا السليمة.

ووافقه الرأي البروفيسور شريف الخميسي، أستاذ الطب الجيني، ورئيس قسم الأبحاث بجامعة شيفيلد في المملكة المتحدة، الذي أشاد بنتائج الدراسة التي سعت إلى فهم نقطة محيرة في علم الأعصاب تتعلق بالناحية الانتقائية في إصابة الخلايا العصبية بأضرار نتيجة الاضطرابات التنكسية العصبية.

وأضاف لـ"للعلم"، أن تلك الانتقائية تقود إلى إصابة خلايا معينة في خلايا الجهاز العصبي بضرر أو تلف، تتنوع باختلاف المرض، ففي مرض باركنسون أو الشلل الرعاش على سبيل المثال تصاب الخلايا المُفرزة للدوبامين (Dopaminergic neurons)، أما عند الإصابة بالخرف وألزهايمر فتُصاب خلايا معينة بمنطقة الحُصين (Hippocampus) في المخ.

وأوضح أن الجديد في هذه الدراسة هو كشف العلاقة بين بروتين (apoE) وجينات الاستجابة المناعية (MHC-I) داخل الخلايا العصبية، وتم تأكيد ذلك في دراسات أُجريت على نماذج من الفئران المصابة بألزهايمر، بالإضافة إلى أنسجة من الدماغ البشري، لكن تلك العلاقة لا تزال تحتاج إلى إجراء مزيد من الدراسة من أجل إثباتها بشكل نهائي.

علامات استفهام

وأشار "الخميسي" إلى أنه رغم أهمية النتائج التي توصلت إليها، إلا أنها تطرح المزيد من علامات الاستفهام التي تحتاج إلى إجابات، أبرزها أن آلية "الالتهام الذاتي" عادةً تحتاج إلى إشارات معينة من الخلايا العصبية تدعى (Eat me) لبدء التهام المكونات الخلوية التالفة، لكن تظل تلك الإشارات غير معروفة حتى الآن، لكن يتضح من الدراسة أن (apoE) يؤدي دورًا محوريًّا في حدوث تلك الإشارات، وتظل معرفتها عمليةً ضروريةً لفهم المزيد من العلاقة بين (apoE) والاستجابة المناعية، والطريقة التي يخاطب بها هذا البروتين (MHC-I)، ما يمكن أن يقود إلى طفرات كبيرة في علاجات ألزهايمر التي يمكن أن تتحكم في تلك الإشارات وتسيطر عليها في المستقبل.

وتابع أن ثاني الأسئلة التي تطرحها الدراسة، أنها كشفت أيضًا أن بروتين (apoE) يزيد مع الإصابة بألزهايمر، كما أنه يزيد أيضًا كلما تقدم الإنسان في العُمر، لذلك نحتاج في المستقبل إلى وضع تفسير لتلك الزيادة.

ونوه بأن ثالث الأسئلة يتعلق بإجراء الدراسة على نماذج من إناث الفئران فقط، لعدم ظهور الأعراض على ذكور الفئران، ما يمكِّن العلماء من دراسة التغيرات عليها، وهي مشكلة شائعة في هذا النوع من الدراسات، وبالتالي فإننا لا نعلم حتى الآن هل تنطبق النتائج على الإناث فقط، أم تشمل الذكور أيضًا؟ وهذا لن يظهر بالطبع إلا مع إجراء التجارب السريرية المستقبلية.

وعقّب "هوانغ" بأن الفريق يخطط لإجراء مزيد من الدراسة حول كيفية تحديد (apoE) و(MHC-1) للخلايا العصبية التي تموت والأخرى التي تظل سليمة لدى مرضى ألزهايمر، بالإضافة إلى محاولة الإجابة عن جميع الأسئلة المفتوحة في هذا الإطار.

مايو 28, 2021

عدوى كورونا قد تُكسب الإنسان مناعة طويلة الأجل ضد الفيروس

 


تحدث عمليات إعادة العدوى بالفيروسات التاجية الموسمية في فترة تتراوح بين 6 أشهر و12 شهرًا من تاريخ الإصابة السابقة، مما يدل على أن الحصانة الوقائية ضد تلك الفيروسات -ومنها فيروس "سارس- كوف-2"- قد تكون قصيرة الأجل.


لكن دراسة حديثة كشفت أن عدوى فيروس "سارس- كوف-2" المسببة لمرض "كوفيد-19" يمكن أن تُكسب البشر خلايا مناعيةً طويلة الأجل لتحصينهم ضد الإصابة بالعدوى مرةً أخرى.


وركّزت الدراسة -التي أجراها علماء من قسم علم الأمراض والمناعة في مدرسة الطب بجامعة واشنطن الأمريكية، ونشرتها دورية "نيتشر" (Nature) أمس "الإثنين"- على رصد الأجسام المضادة قصيرة الأجل وطويلة الأجل التي ينتجها الجهاز المناعي استجابةً للهجوم الفيروسي.


وعادةً ما ينتج الجهاز المناعي للبشر أجسامًا مضادة استجابةً لهجوم فيروسي أو بكتيري أو أي مسبِّب آخر للمرض، وهي عبارة عن بروتينات تدمّر مسبِّبات المرض التي تغزو الجسم عن طريق الارتباط بها لتصبح غير ضارة، أو تمييزها حتى يسهُل القضاء عليها، وتظل الأجسام المضادة في مجرى الدم بعد الإصابة بالعدوى تحسُّبًا لعودة الفيروس، وعند عودته تكون الأجسام المضادة مستعدةً لمهاجمته وتقليل فرص الإصابة بالعدوى مرةً أخرى.


من جهته، يوضح الباحث المصري علي اللبيدي، قائد فريق البحث بكلية الطب بجامعة واشنطن، أن الإصابة بعدوى فيروس "سارس- كوف-2" ينتج عنها تكليف خليّة مناعية متخصصة تسمى "خليّة البلازما" (Plasma cell) بإفراز الأجسام المضادة التي تساعد على إزالة العامل المُمْرض.


يضيف "اللبيدي" في تصريحات لـ"للعلم" أن "إنتاج بعض خلايا البلازما هذه يكون بسرعة، لإفراز موجة مبكّرة من الأجسام المضادة الواقية، وتكون خلايا البلازما هذه قصيرة العمر، وعندما تبدأ في الموت، تبدأ مستويات الأجسام المضادة في الدم في الانخفاض".


وعن الخلايا طويلة الأمد، يقول "اللبيدي": ينشأ عن العدوى إنتاج مجموعة أخرى من خلايا البلازما الأكثر نضجًا تسمى خلايا البلازما طويلة العمر (BMPCs) بعد الإصابة، وهذه الخلايا تعيش في الغالب في نخاع العظام، وهي مسؤولة عن إفراز الأجسام المضادة لفترات طويلة، ما يُحافظ على وضعنا الوقائي ضد الفيروس، لذلك عندما نتعرض مرةً أخرى لمسببات الأمراض، نكون في حالة أفضل بسبب تلك الأجسام المضادة مسبقة التشكُّل.


وأشار إلى أن نتائج الورقة البحثية جاءت بعد تتبُّع مجموعة من الأشخاص في طور النقاهة بعد عدوى خفيفة لفيروس "سارس- كوف-2" لمدة تصل إلى 11 شهرًا بعد ظهور الأعراض الأولى.


وأظهرت النتائج أن الأجسام المضادة قصيرة الأجل في الدم الموجهة ضد البروتين السطحي الرئيسي لفيروس "سارس- كوف-2" وهو بروتين "سبايك" (Spike protein) -الذي يمثل هدفًا رئيسيًّا للأجسام المناعية المضادة للفيروسات- تتلاشى بسرعة في أول 3-4 أشهر بعد الإصابة، لكن هذه المستويات تصبح أكثر استقرارًا بعد 7 أشهر من الإصابة.


فحص الباحثون عينات الدم الخاصة بـ77 متطوعًا بعد شهر تقريبًا من ظهور أعراض إصابتهم بالفيروس (49٪ منهم إناث، و51% من الذكور) بمتوسط عمر بلغ 49 عامًا، ومعظمهم عانى من المرض بصورة خفيفة؛ إذ لم يضطر سوى 7.8% منهم إلى دخول المستشفى.


كما جرت متابعة عينة البحث من خلال فحص عينات الدم الخاصة بهم ثلاث مرات على مدار فترة بلغت حوالي 3 أشهر.


وأجرى الفريق البحثي دراسات للوصول إلى سبب استقرار مستويات الأجسام المضادة للفيروس مرةً أخرى بعد تلاشيها، عبر أخذ عينات مباشرة من نخاع العظام لمجموعة فرعية من هؤلاء المرضى، خلال الفترة من 7 أشهر إلى 11 شهرًا بعد الإصابة.


يقول "اللبيدي": أظهرت النتائج أن هؤلاء الأشخاص تشكّلت لديهم خلايا البلازما طويلة العمر التي تُفرز أجسامًا مضادة خاصة ببروتين "سارس- كوف-2"، ومن المحتمل أن يكون هذا هو سبب استقرار مستويات الأجسام المضادة في الدم في الأشهر اللاحقة، وتُعد هذه الدراسة الأولى من نوعها التي توضح بشكل مباشر الدور الذي تؤديه خلايا البلازما طويلة العمر الموجودة في نخاع العظام لدى البشر في تعزيز المناعة بعد الإصابة بعدوى "سارس- كوف-2".


وحول خطواتهم المستقبلية، يقول "اللبيدي": نحن الآن نحقق فيما إذا كانت خلايا البلازما طويلة الأمد هذه قد تم تحفيزها أيضًا لدى البشر بعد التطعيم بلقاحات فيروس "سارس- كوف-2".


كانت اللجنة الدوليّة لتصنيف الفيروسات بمنظمة الصحة العالمية قد أعلنت تسمية "سارس- كوف-2" المسبب لمتلازمة الالتهاب الرئوي الحاد الوخيم "اسمًا رسميًّا لفيروس كورونا المستجد، في 11 فبراير 2020، واختير هذا الاسم لارتباط الفيروس جينيًّا بفيروس كورونا الذي سبّب فاشية متلازمة الالتهاب الرئوي الحاد الوخيم (سارس) في 2003، غير أن الفيروسين مختلفان رغم ارتباطهما الجيني، كما أعلنت بدورها أن "كوفيد-19" هو الاسم الرسمي لهذا المرض الجديد.

مايو 28, 2021

ما هو حجم ما نستطيع معرفته ؟




كتب الفيزيائي الألماني فيرنر هايزنبرج -وهو أول مَن توصل إلى إدراك عدم اليقين المتأصل في فيزياء الكمّ- قائلًا: ’’إن ما نلاحظه ليس هو الطبيعة في حد ذاتها، بل هو الطبيعة التي تظهر بالنسبة لطريقتنا في الاستبانة‘‘. بالنسبة لهؤلاء الذين يعتبرون العلم مسارًا مباشرًا إلى حقيقة هذا العالم، لا بد أن تكون هذه العبارة مفاجِئة لهم، بل ربما تكون عبارة مسبِّبة للضيق. هل يقول هايزنبرج إن نظرياتنا العلمية مشروطة بما نفعله كقائمين بالملاحظة؟ إذا كان هذا هو ما يقوله، وأخذنا ما يقول بجدية، فهل يعني هذا أن ما نسمِّيه حقيقةً علميةً لا يعدو كونه وهمًا كبيرًا؟

سيرد الناس الهجوم بسرعة عن طريق قول شيء مثل: لماذا تطير الطائرات؟ أو لماذا تعمل المضادات الحيوية؟ لماذا نستطيع بناء الآلات التي تعالج المعلومات بمثل هذه الكفاءة المذهلة؟ من المؤكد أن اختراعات كهذه -وغيرها الكثير- تستند إلى قوانين الطبيعة التي تعمل بطريقة مستقلة عنَّا. ثمة نظام في الكون، ويقوم العلم تدريجيًّا بالكشف عن ماهية هذا النظام.

لا شك في ذلك: ثمة نظام في الكون، ويُعنى قدر كبير من العلم بالتوصُّل إلى أنماط السلوك (بدءًا من الكواركات ومرورًا بالثدييات ووصولًا إلى المجرات) التي نترجمها إلى قوانين عامة. نحن نُجرِّد الأمور من التعقيدات غير الضرورية، ونركز على ما هو أساسي -أي الخصائص الجوهرية للنظام الذي ندرسه، وبعدها نعمد إلى بناء سرد وصفي للطريقة التي يسلكها النظام، وهو أمر -في أحسن الأحوال- ينطوي على التنبؤ هو الآخر.

والأمر الذي غالبًا ما نغفل عنه في غمرة الحماس الذي يكتنف عملية إجراء البحوث هو أن منهجية العلم تتطلب التفاعل مع النظام الذي نُخضعه للدراسة. إننا نلاحظ سلوك النظام، ونقيس خصائصه، ونبني نماذج رياضية أو تصورية لكي نفهمه بشكل أفضل. ولتحقيق ذلك، نحتاج إلى أدوات تمتد إلى عوالم تتجاوز ذلك الذي تصل إليه مدركاتنا الحسية: كل ما هو صغير جدًّا، أو سريع جدًّا، أو بعيد جدًّا، أو ما يستحيل الوصول إليه من الناحية الافتراضية، مثل ما هو داخل الدماغ أو ما هو مدفون في مركز الأرض. إن ما نلاحظه ليس الطبيعة نفسها، ولكنها الطبيعة التي نفطن إليها من خلال البيانات التي نجمعها من الآلات. وبالتالي، تعتمد النظرة العلمية للعالم على المعلومات التي يمكننا الحصول عليها من خلال أدواتنا. وبالنظر إلى محدودية ما لدينا من أدوات، فإن نظرتنا إلى العالم تتصف بالضرورة بقصر النظر؛ فنحن يمكننا أن نرى فقط إلى هذا الحدّ في طبيعة الأشياء، وتعكس رؤيتنا العلمية المتغيرة على الدوام للعالم هذه المحدودية المتأصلة في كيفية إدراكنا للواقع.

فكّر فحسب في علم الأحياء قبل المجهر وبعده، أو قبل وضع تسلسل الجينات وبعده، أو في علم الفلك قبل التلسكوب وبعده، أو في فيزياء الجسيمات قبل المُصادِمات أو الإلكترونيات السريعة وبعدها. الآن، كما كان الحال في القرن السابع عشر، تتغير النظريات التي نبنيها والرؤى العالمية التي نؤصِّل لها بتغيُّر أدواتنا التي نستخدمها في الاستكشاف. إن هذا التوجُّه هو العلامة التجارية للعلم.

في بعض الأحيان ينظر الناس إلى هذا التعبير المتعلق بمحدودية المعرفة العلمية على أنه تعبير انهزامي، فيقولون: ’’إذا لم يكن بمقدورنا التوصُّل إلى حقيقة الأشياء، فلماذا يجب علينا أن نهتم؟‘‘، إن هذا النوع من الردود في غير محله. ليس هناك أي شىء انهزامي بشأن فهم محدودية النهج العلمي نحو المعرفة؛ فلا يزال العلم هو أفضل منهجية لدينا لتأسيس تَوافُق في الآراء حول الأساليب التي تعمل بها الطبيعة. ما يجب أن يتغير هو ذلك الشعور بنشوة الانتصار العلمي -هذا الاعتقاد بعدم وجود أي مسألة تتجاوز المدى الذي يمكن أن تصل إليه المنهجية العلمية.

ثمة أمور من الجليّ أنها ليست قابلة لمعرفتها من خلال العلم -أسئلة منطقية لا يمكننا التوصل إلى إجابات لها ما لم تُخرق قوانين الطبيعة التي تحظى بقبول في الوقت الراهن. أحد الأمثلة على ذلك هو مصطلح الأكوان المتعددة، وهو ذلك التخمين الذي يقول بأن الكون الذي نعيش فيه لا يعدو كونه واحدًا من بين العديد من الأكوان الأخرى، وكل واحد من هذه الأكوان يُحتمل أن تكون له مجموعة مختلفة من قوانين الطبيعة. وتوجد أكوان أخرى واقعة خارج أفقنا السببي، بمعنى أننا لا نستطيع استقبال إشارات منها أو إرسال إشارات إليها. وأي دليل على وجود هذه الأكوان سيكون ظرفيًّا: مثلًا، الندوب في الإشعاع المُختَرِق للفضاء، والتي ترجع إلى تصادُم حدث في الماضي مع أحد الأكوان المجاورة.

يمكن جمع أمثلة أخرى عن الأمور غير القابلة للمعرفة تحت ثلاث مسائل تدور حول الأصول: أصل الكون، وأصل الحياة، وأصل العقل. إن التقديرات العلمية لأصل الكون غير مكتملة لأنها يتحتم أن تعتمد على إطار تصوري لتصل إلى البدء في أن تكون مقبولة: الحفاظ على الطاقة، والنسبية، وفيزياء الكمّ على سبيل المثال. لماذا يعمل الكون وفق هذه القوانين وليس وفق غيرها؟

وعلى المنوال نفسه، ما لم نتمكن من إثبات وجود مسار بيوكيميائي واحد فقط أو مسارات قليلة جدًّا من اللاحياة إلى الحياة، فلا يمكننا أن نعرف على وجه اليقين كيف نشأت الحياة على سطح الأرض. بالنسبة للوعي، تكمن المشكلة في القفز من المادي إلى اللاموضوعي -مثلًا من إطلاق الخلايا العصبية إلى الشعور بالألم أو إدراك اللون الأحمر. ربما يظهر نوعٌ ما من الوعي البدائي في آلة معقدة بما يكفي، لكن كيف يمكننا أن نعرف هذا؟ كيف لنا أن نصل إلى إثبات -في مقابل التخمين- أن شيئًا ما ذو وعي؟

والمفارقة هنا هي أننا نفهم العالم من خلال وعينا، حتى لو كان هذا الفهم منقوصًا. هل يمكننا أن نصل إلى فهم كامل لشيء نُعَدُّ جزءًا منه؟ نحن -مثلنا مثل الثعبان الخرافي الذي يعض ذيله- عالقون في دائرة تبدأ وتنتهي بخبرتنا بهذا العالم التي نعيشها. لا يمكننا فصل وصفنا للواقع عن طريقة اختبارنا للواقع. هذا هو الملعب الذي تكشف فيه لعبة العلوم عن نفسها، وإذا ما لعبنا ملتزمين بالقواعد، فسنتمكن من رؤية الكثير -ولكن إلى حدٍّ معين- مما يقبع وراء حدود إدراكنا.

نُشر هذا المقال في الأصل تحت عنوان ’’ما هو حجم ما نستطيع معرفته؟‘‘.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *