الموارد التعليمية أصبحت في متناول يدك كل ما يخص الشأن التعليمي في الوطن العربي

آخر المواضيع

‏إظهار الرسائل ذات التسميات علم. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات علم. إظهار كافة الرسائل

الخميس، 18 فبراير 2021

فبراير 18, 2021

دواءٌ شائعٌ للاكتئابِ قدْ يكونُ العلاجَ الأولَ منْ نوعِهِ لهشاشةِ العظام والقهوةُ تقللُ خطرَ الإصابةِ بقصورِ القلب

القهوةُ تقللُ خطرَ الإصابةِ بقصورِ القلب


تشيرُ المعلوماتُ الغذائيةُ منْ ثلاثِ دراساتٍ كبيرةٍ لأمراضِ القلبِ إلى أنَّ شربَ كوبٍ واحدٍ أوْ أكثرَ منَ القهوةِ المحتويةِ على الكافيينِ قدْ يقللُ منْ خطرِ الإصابةِ بقصورِ القلب، وفقًا لبحثٍ نُشرَ في دوريةِ Circulation: Heart Failure التابعةِ لمجلةِ جمعيةِ القلبِ الأمريكية.

ومرضُ الشريانِ التاجيِّ وفشلُ القلبِ والسكتةُ الدماغيةُ منَ الأسبابِ الرئيسيةِ للوفاةِ منْ أمراضِ القلبِ حولَ العالم. ويُعدُّ التدخينُ والعمرُ وارتفاعُ ضغطِ الدمِ منْ أكثرِ عواملِ خطرِ الإصابةِ بأمراضِ القلبِ المعروفة.

ويُعَدُّ شربُ القهوةِ منَ الموضوعاتِ التي حظيتْ باهتمامٍ علميٍّ كبير؛ لكونِها أحدَ المشروباتِ الأكثرَ شعبيةً واستهلاكًا في جميعِ أنحاءِ العالم؛ وقدْ توصلتِ العديدُ منَ الدراساتِ إلى وجودِ ارتباطاتٍ محدودةٍ بينَ تناوُلِ القهوةِ والإصابةِ بأمراضِ القلب.

إلا أنَّ نتائجَ تلكَ الدراساتِ ظلتْ محلَّ شك؛ لكونِها فحصتْ بياناتِ عيناتٍ محدودةٍ منَ البشرِ على نطاقٍ ضيقٍ لا يُمكنُ تعميمُه.

في تلكَ الدراسة؛ استخدمَ الباحثونَ التعلُّمَ الآليَّ منْ خلالِ منصةِ الطبِّ الدقيقِ لجمعيةِ القلبِ الأمريكيةِ لفحصِ البياناتِ منَ المجموعةِ الأصليةِ لدراسةٍ كبيرةٍ لأمراضِ القلبِ تُسمى دراسةَ "فرامنغهام" ومقارنتِها ببياناتٍ منْ دراستينِ أُولاهما عنْ مخاطرِ تصلُّبِ الشرايينِ في المجتمعاتِ والثانيةُ عنْ صحةِ القلبِ والأوعيةِ الدمويةِ للمساعدةِ في تأكيدِ النتائجِ التي توصلُوا إليها.

تضمنتْ كلُّ دراسةٍ عشْرَ سنواتٍ على الأقلِّ منَ المتابعة، وقدمتِ الدراساتُ معلوماتٍ حولَ أكثرَ منْ واحدٍ وعشرينَ ألفَ مشاركٍ بالغٍ في الولاياتِ المتحدة.

لتحليلِ نتائجِ شربِ القهوةِ المحتويةِ على الكافيين، صنفَ الباحثونَ الاستهلاكَ على أنهُ صفرٌ منَ الأكوابِ في اليوم، وكوبٌ واحدٌ في اليوم، وكوبانِ في اليومِ وثلاثةُ أكوابٍ في اليوم. في الدراساتِ الثلاث، جرى الإبلاغُ عنِ استهلاكِ القهوةِ ذاتيًّا، ولمْ تتوافرْ وحدةُ قياسٍ قياسية.

في جميعِ الدراساتِ الثلاث، انخفضتْ مخاطرُ الإصابةِ بفشلِ القلبِ على المدى الطويلِ عندَ الأشخاصِ الذينَ أبلغُوا عنْ شربِ كوبٍ واحدٍ أوْ أكثرَ منَ القهوةِ المحتويةِ على الكافيين.

ففي دراسةِ "فرامنغهام" للقلبِ وصحةِ القلبِ والأوعيةِ الدموية، انخفضَ خطرُ الإصابةِ بفشلِ القلبِ على مدارِ عقودٍ بنسبةِ خمسةٍ إلى اثني عشَرَ بالمئةِ لكلِّ فنجانٍ منَ القهوةِ يوميًّا، مقارنةً بعدمِ تناوُلِ القهوة.

وفي دراسةِ مخاطرِ تصلبِ الشرايينِ في المجتمعات، لمْ يتغيرْ خطرُ الإصابةِ بقصورِ القلبِ بينَ صفر إلى فنجانٍ واحدٍ منَ القهوةِ في اليوم؛ ومعَ ذلك، فقدْ كانَ أقلَّ بنسبةِ ثلاثينَ بالمئةِ لدى الأشخاصِ الذين شربُوا كوبينِ على الأقلِّ يوميًّا.

يبدو أنَّ شربَ القهوةِ منزوعةِ الكافيين لهُ تأثيرٌ معاكسٌ على مخاطرِ الإصابةِ بقصورِ القلب. إذْ تَزيدُ بشكلٍ كبيرٍ منْ خطرِ الإصابةِ بفشلِ القلبِ في دراسةِ فرامنغهام للقلب.

لكن؛ في دراسةِ صحةِ القلبِ والأوعيةِ الدموية؛ لمْ يكنْ هناكَ زيادةٌ أوْ نقصانٌ في خطرِ الإصابةِ بقصورِ القلبِ المرتبطِ بشربِ القهوةِ منزوعةِ الكافيين. وعندما فحصَ الباحثونَ هذا الأمرَ بشكلٍ أكبر، وجدوا أنَّ استهلاكَ الكافيين منْ أيِّ مصدرٍ يبدو مرتبطًا بانخفاضِ مخاطرِ الإصابةِ بقصورِ القلب، وكانَ الكافيين على الأقلِّ جزءًا منْ سببِ الفائدةِ الواضحةِ منْ شربِ المزيدِ منَ القهوة.

وجاءَ الارتباطُ بينَ الكافيين والحدِّ منْ مخاطرِ قصورِ القلبِ مفاجئًا. فغالبًا ما يعتبرُ عامةُ الناسِ أنَّ القهوةَ والكافيين "سيئانِ" للقلبِ؛ لأنَّ الناسَ يربطونَ بينَه وبينَ الخفقانِ وارتفاعِ ضغطِ الدم.

ولا توجدُ أدلةٌ واضحةٌ كافيةٌ حتى الآنَ للتوصيةِ بزيادةِ استهلاكِ القهوةِ لتقليلِ مخاطرِ الإصابةِ بأمراضِ القلبِ بنفسِ القوةِ واليقينِ لاتباعِ أنماطٍ أخرى، كالإقلاعِ عنِ التدخينِ أوْ فقدانِ الوزنِ أوْ ممارسةِ الرياضة.

ووفقًا للإرشاداتِ الغذائيةِ الفيدرالية، يمكنُ أنْ يكونَ تناوُلُ ثلاثةٍ إلى خمسةِ فناجينَ منَ القهوةِ سعةَ ثماني أونصاتٍ يوميًّا (أي ما يعادلُ اثنينِ منْ عشرةٍ منَ اللتر) جزءًا منْ نظامٍ غذائيٍّ صحي.

وتحذرُ جمعيةُ القلبِ الأمريكيةِ منْ أنَّ المشروباتِ التي تحتوي على القهوةِ مثلَ اللاتيه والماكياتوس غالبًا ما تكونُ غنيةً بالسعراتِ الحراريةِ والسكرِ المضافِ والدهون.

وكانتِ الأبحاثُ قدْ أظهرتْ أنَّ الكافيينَ يمكنُ أنْ يكونَ خطيرًا إذا استُهلكَ بكمياتٍ كبيرة.

ويجبُ على الأطفالِ تجنُّبُ الكافيين. إذْ توصي الأكاديميةُ الأمريكيةُ لطبِّ الأطفال، بتجنُّبِ الأطفالِ للمشروباتِ التي تحتوي على الكافيين.

ولمْ ينجحِ الباحثونَ في تلكَ الدراسةِ في إثباتِ العلاقةِ السببية؛ إلا أنَّهُ منَ المثيرِ للاهتمامِ أنَّ هذهِ الدراساتِ الثلاثَ تشيرُ إلى أنَّ شربَ القهوةِ يرتبطُ بانخفاضِ خطرِ الإصابةِ بفشلِ القلبِ، وأنَّ القهوةَ يُمكنُ أنْ تكونَ جزءًا منْ نمطٍ غذائيٍّ صحيٍّ إذا استُهلكتْ من دونِ سكرٍ مضافٍ ومنتجاتِ ألبانٍ غنيةٍ بالدهون.

تناولُ البيضِ يَزيدُ منْ خطرِ الوفاة

يرتبطُ تناوُلُ الشخصِ للبيضِ الكاملِ بشكلٍ إيجابيٍّ بخطرِ الوفاة؛ بينما ارتبطَ تناوُلُ بياضِ البيضِ أوْ بدائلِ البيضِ سلبًا بالخطرِ نفسِه؛ حسبما قالتْ دراسةٌ نُشرتْ نتائجُها في دوريةِ "بلوس ميديسن".

وبيضُ الدجاجِ مصدرٌ ميسورُ التكلفةِ للبروتينِ والموادِ المغذيةِ الأخرى. إلا أنَّها تحتوي على نسبةٍ عاليةٍ منَ الكوليسترول بشكلٍ طبيعي. وتتضاربُ نتائجُ الدراساتِ حولَ مأمونيةِ تناوُلِ البيضِ بشكلٍ يوميٍّ وتأثيرِ ذلكَ الأمرِ على الصحة.

إذْ تُشيرُ بعضُ الدراساتِ إلى أنَّ معظمَ الأشخاصِ الأصحاءِ يُمكنُهم تناوُلُ ما يصلُ إلى سبعِ بيضاتٍ أسبوعيًّا دونَ زيادةِ خطرِ الإصابةِ بأمراضِ القلبِ والأوعيةِ الدموية. في حينِ يؤكدُ بعضُها الآخرُ وجودَ صلةٍ بينَ تناوُلِ البيضِ في العمومِ والإصابةِ بأمراضِ القلب.

وتحتوي البيضةُ الواحدةُ الكبيرةُ على حوالَي مئةٍ وستةٍ وثمانينَ ملليجرامًا من الكوليسترول - وكلها موجودةٌ في صفارِ البيض.

استخدمَ الباحثونَ بياناتِ أكثرَ منْ خمسِمئةٍ وواحدٍ وعشرينَ ألفَ شخصٍ اشتركُوا في دراسةٍ عنِ الأنظمةِ الغذائية. تراوحتْ أعمارُهم بينَ خمسينَ عامًا وواحدٍ وسبعينَ عامًا.

وخلالَ متابعةٍ امتدتْ لنحوِ ستةَ عشَرَ عامًا، حدثتْ أكثرُ منْ مئةٍ وتسعةٍ وعشرينَ ألفَ حالةِ وفاةٍ في المجموعة. كانَ استهلاكُ البيضِ الكامل، كما وردَ في استبانةِ الغذاء، مرتبطًا بشكلٍ كبيرٍ معَ ارتفاعِ معدلِ الوفياتِ لجميعِ الأسبابِ بعدَ تعديلِ الخصائصِ الديموغرافيةِ والعواملِ الغذائية.

وارتبطَ كلُّ مدخولٍ إضافيٍّ منْ ثلاثِمئةِ مللي جرام منَ الكوليسترول بمعدلِ وفياتٍ أعلى بنسبةِ تسعةَ عَشَرَ بالمئة. كما ارتبطَ استهلاكُ بياضِ البيضِ فقط؛ أوْ المنتجاتِ الغذائيةِ البديلةِ بانخفاضِ معدلِ الوفياتِ بأمراضِ القلبِ والأوعيةِ الدمويةِ بنسبةِ ثلاثةٍ بالمئة.

وتشيرُ النتائجُ التي توصلَ إليها الباحثونَ إلى أنَّ الحدَّ منْ تناوُلِ الكوليسترول وإحلالَ بياضِ البيضِ محلَّ البيضِ الكاملِ، واستعمالَ البدائلِ المتمثلةِ في مصادرِ بروتينٍ بديلةٍ أخرى أفضلُ لصحةِ القلبِ والأوعيةِ الدمويةِ وتَزيدُ منْ معدلِ البقاءِ على المدى الطويل.

 دواءٌ شائعٌ للاكتئابِ قدْ يكونُ العلاجَ الأولَ منْ نوعِهِ لهشاشةِ العظام

يصيبُ مرضُ هشاشةِ العظامِ عشراتِ الملايين حولَ العالم. وهوَ مرضٌ غيرُ معروفِ العلاجِ إلى الآنَ ويُسببُ الكسورَ والإعاقة، خاصةً عندَ النِّساءِ في سنِّ ما بعدَ الطمث.

في دراسةٍ جديدة، اكتشفَ العلماءُ المسارَ الخَلَويَّ الذي يؤدي إلى هشاشةِ العظام، وحددوا أحدَ مضاداتِ الاكتئابِ الشائعةِ الاستخدام -الباروكستين- يُمكنُه تثبيطُ ذلكَ المسار.

وجدَ الفريقُ أنَّ عقارَ باروكستين لا يُبطئُ منْ تنكُّسِ الغضروفِ فحسب، بلْ يعززُ أيضًا صحةَ الغضروفِ في كلٍّ منَ الفئرانِ والغضاريفِ البشريةِ في المختبر. وقدْ يكونُ الدواءُ هوَ العلاجَ الأولَ على الإطلاقِ لهذا المرضِ التنكسيِّ المُنهِك.

ومنَ المعروفِ أنَّ هشاشةَ العظامِ تدمرُ غضروفَ المفصلِ وتؤدِّي إلى الألمِ والعجز. ويعيشُ المرضى معَ هذا الألمِ حتى يتدهورَ غضروفُهم بشدة. ولسوءِ الحظِّ، فإنَّ جراحةَ استبدالِ المفاصلِ الاصطناعيةِ هيَ العلاجُ الوحيدُ الذي يستطيعُ جراحو العظامِ تقديمَه حاليًّا. وبالتالي فهناكَ حاجةٌ ماسةٌ إلى تحديدِ أهدافٍ أو طرقٍ أو عواملَ علاجيةٍ جديدةٍ يمكنُها وقفُ عمليةِ مرضِ هشاشةِ العظامِ أو عكسُها.

وكانتْ دراسةٌ سابقةٌ نفذتْها المجموعةُ البحثيةُ نفسُها قدْ وجدتْ أنَّ ارتفاعَ معدلِ نشاطِ أحدِ الإنزيماتِ يؤدِّي إلى نموِّ الخلايا المرضيةِ المُسببةِ للهشاشة. لكنَّ كيفيةَ حدوثِ هذا التكاثرِ في مرضى التهابِ المفاصلِ ظلت لغزًا محيرًا.

وفي تلكَ الدراسة؛ وجدَ الباحثونَ أنَّ المرضى الذينَ يعانونَ منِ التهابِ المفاصلِ المؤدِّي إلى الهشاشةِ وتآكُلِ الغضاريفِ لديهِم مستوياتٌ عاليةٌ منْ بروتينِ GRK2 المقترِنِ بالإنزيمِ نفسِه المعروفِ باسمِ "جيناز 2".

كما اكتشفَ الباحثونَ دورًا محوريًّا لذلكَ البروتينِ في تنكُّسِ الغضاريف. فبدلًا منَ الحفاظِ على الغضروف؛ تتلقى الخلايا منْ ذلكَ البروتينِ إشاراتٍ سيئةً لتدميرِ الغضاريف.

بعدَ ذلك؛ بحَثَ الباحثونَ عنْ مثبطٍ انتقائيٍّ لذلكَ البروتين. ليجدوا أنَّ ذلكَ الدواءَ لهُ القدرةُ على تثبيطِ البروتينِ ووقفِ تطورِ التهابِ المفاصل. وأيضًا تعزيزِ عمليةِ تجديدِ الغضاريف.

ووجدَ الباحثونَ أنَّ الباروكستين يمكنُ أنْ يعيدَ خلايا الغضروفِ إلى حالتِها الطبيعيةِ ويحافظُ على سطحِ الغضروفِ؛ كما أنَّ لهُ القدرةَ على التخفيفِ منْ تضخمِ الخلايا الغضروفية، ما يجعلُهُ دواءً محتملًا لعلاجِ هشاشةِ العظام.

ويسعى الفريقُ حاليًّا للحصولِ على موافقةِ إدارةِ الغذاءِ والدواءِ الأمريكيةِ لإجراءِ تجربةٍ جديدةٍ على هذا الدواءِ على مرضى هشاشةِ العظام.
فبراير 18, 2021

التفاح يساعد على إنتاجِ خلايا دماغية جديدة

 


وجدتْ دراسةٌ جديدةٌ أنَّ الأشخاصَ الذينَ يبلغونَ منَ العمرِ سبعينَ عامًا أوْ أكثرَ يُعانونَ منْ عددٍ أقلَّ منَ السكتاتِ الدماغية، كما وجدتْ أيضًا أنَّ عددًا أقلَّ منَ الناسِ منْ جميعِ الأعمارِ يموتونَ منَ المرض.


نُشرتِ الدراسةُ، التي فحصتْ سكانَ الدنمارك؛ في المجلةِ الطبيةِ للأكاديميةِ الأمريكيةِ لطبِّ الأعصاب.


تحدثُ السكتاتُ الدماغيةُ بسببِ انسدادِ تدفقِ الدمِ إلى الدماغ؛ والنزيفِ داخلَ المخِّ الناجمِ عن انفجارِ الأوعيةِ الدمويةِ داخلَ الدماغ؛ وتُعدُّ السببَ الرئيسيَّ للوفاةِ والعجزِ في العالَم.


وتتضاربُ نتائجُ الأبحاثِ الحديثةِ حولَ حدوثِ السكتةِ الدماغية، إذْ أفادتْ بعضُ الدراساتِ عنْ زيادةِ معدلِها بينَ الشباب. ومعَ ذلك، لمْ يجدْ ذلكَ البحثُ أيَّ زيادةٍ في السكتةِ الدماغيةِ بينَ الشبابِ، كما توصلتْ إلى انخفاضِ معدلِ الإصابةِ بالسكتةِ الدماغيةِ بينَ كبارِ السن.


واستخدمَ الباحثونَ سجلاتِ الرعايةِ الصحيةِ الوطنيةِ في الدنمارك لتحديدِ جميعِ الأشخاصِ في الدولةِ الذينَ دخلوا المستشفى بسببِ سكتةٍ دماغيةٍ لأولِ مرةٍ بينَ عامَي ألفينِ وخمسة وألفينِ وثمانيةَ عشَر. وحددُوا ثمانيةَ آلافٍ وستَّمئةٍ وثمانينَ منَ البالغينَ الأصغرَ سنًّا الذينَ تتراوحُ أعمارُهم بينَ ثمانيةَ عشَرَ عامًا وتسعةٍ وأربعينَ عامًا والذينَ أصيبوا بسكتةٍ دماغيةٍ خلالَ تلكَ الفترة، ومئةَ ألفٍ وخمسةِ آلافٍ ومئتينِ وأربعينَ منْ كبارِ السنِّ منْ سنِّ خمسينَ وما فوق.


وقامَ الباحثونَ بحسابِ معدلاتِ الإصابةِ السنويةِ لكلٍّ منَ السكتاتِ الدماغيةِ الإقفاريةِ والنزفيةِ بناءً على السكانِ الدنماركيين. كما قاموا بحسابِ معدلاتِ الإصابةِ على أساسِ العمر.


وجدتِ الدراسةُ أنَّ معدلَ حدوثِ السكتةِ الدماغيةِ لدى الأشخاصِ الذينَ يبلغونَ منَ العمرِ تسعةً وأربعينَ عامًا أوْ أقلَّ ظلَّ ثابتًا على مدارِ الدراسة. معَ وجودِ حوالَي واحدٍ وعشرينَ حالةً منَ السكتةِ الدماغيةِ لكلِّ مئةِ ألفِ شخصٍ في بدايةِ الدراسةِ ونهايتِها، وبالنسبةِ للنزيفِ داخلَ المخ، كانَ معدلُ الإصابةِ عندَ الشبابِ حوالَي حالتينِ لكلِّ مئةِ ألفِ شخصٍ في بدايةِ الدراسةِ ونهايتِها.


كما وجدَ الباحثونَ أنَّ معدلاتِ الإصابةِ بالسكتةِ الدماغيةِ انخفضتْ لدى الأشخاصِ الذينَ يبلغونَ منَ العمرِ خمسينَ عامًا أوْ أكثرَ على مدارِ الدراسة، مَعَ ثلاثِمئةٍ واثنتينِ وسبعينَ حالةً منَ السكتةِ الدماغيةِ لكلِّ مئةِ ألفِ شخصٍ في بدايةِ الدراسةِ وثلاثَمئةٍ وإحدى عشْرةَ حالةً في نهايتها.


بالنسبةِ للنزيفِ داخلَ المخ، كانَ هناكَ تسعٌ وأربعونَ حالةً لكلِّ مئةِ ألفِ شخصٍ في بدايةِ الدراسةِ وثلاثٌ وثمانونَ حالةً في النهاية. وكانتْ معدلاتُ السكتةِ الدماغيةِ لدى الأشخاصِ في الخمسينياتِ منَ العمرِ مستقرة، معَ انخفاضٍ في تلكَ النِّسَبِ عندَ الأشخاصِ في سنِّ سبعينَ وما فوق.


فحصتِ الدراسةُ أيضًا شدةَ السكتةِ الدماغيةِ ووجدتْ أنَّهُ بينما زادتِ السكتاتُ الدماغيةُ الخفيفةُ، فإنَّ الحالاتِ الأكثرَ خطورةً قدِ انخفضت.


ويمكنُ أنْ تكونَ هذهِ التغييراتُ مرتبطةً بالتحسيناتِ في الوعيِ بالسكتةِ الدماغيةِ لدى عامةِ السكانِ، وكذلكَ الرعايةُ التي يتلقاها الأشخاصُ للسكتةِ الدماغية.


وهناكَ قيودٌ على تلكَ الدراسة؛ فالبياناتُ لمْ تسمحْ للباحثينَ بفحصِ الاتجاهاتِ في بعضِ الأنواعِ الفرعيةِ للسكتةِ الدماغية. كما أنَّ أحدَ أهمِّ القيودِ الأخرى يتمثلُ في أنَّ الدراسةَ أُجريتْ في الدنمارك، لذا قدْ لا تكونُ النتائجُ هي نفسَها بالنسبةِ للسكانِ في البلدانِ الأخرى.


التفاحُ يساعدُ على إنتاجِ خلايا دماغيةٍ جديدة


قدْ تساعدُ المركباتُ الطبيعيةُ الموجودةُ في التفاحِ على تحفيزِ إنتاجِ خلايا دماغيةٍ جديدةٍ قدْ يكونُ لها آثارٌ على التعلُّمِ والذاكرة، وفقًا لدراسةٍ جديدةٍ أُجريتْ على الفئرانِ ونُشرتْ في دوريةِ الخلايا الجذعية.


ولا تقتصرُ تلكَ المركباتُ على التفاحِ فحسب؛ بلْ تشملُ العنبَ الأحمرَ والشايَ الأخضر.


تُعرفُ تلكَ المركباتُ بالمغذياتِ النباتية. ويقولُ الباحثونَ إنَّ لها مجموعةً منَ التأثيراتِ الإيجابيةِ على أجزاءٍ مختلفةٍ منَ الجسم، من ضمنِها الدماغ.


ووجدَ الباحثونَ أنَّ التركيزاتِ العاليةَ منَ المغذياتِ النباتيةِ الموجودةِ في التفاحِ تحفِّزُ تكوينَ خلايا عصبيةٍ جديدةٍ في عمليةٍ تُسمى تكوينَ الخلايا العصبية.


وأظهرتِ الدراسةُ أنَّ الخلايا الجذعيةَ المزروعةَ في المختبرِ منْ أدمغةِ الفئرانِ البالغةِ تولِّدُ المزيدَ منَ الخلايا العصبيةِ وتتمُّ حمايتُها منْ موتِ الخلايا عندَ إضافةِ مادةِ الكيرسيتين أوْ حمضٍ يُسمى ثنائي هيدروكسي بيزويك وهيَ مركباتٌ موجودةٌ بكثرةٍ في التفاح.


وأظهرتْ الاختباراتُ اللاحقةُ على الفئرانِ أنه في الهياكلِ المميزةِ لأدمغةِ البالغينَ المرتبطةِ بالتعلمِ والذاكرةِ تتكاثرُ المزيدُ منَ الخلايا العصبيةِ حينَ تناوُلِ جرعاتٍ عاليةٍ منَ الكيرسيتين.


وهناكَ حاجةٌ إلى دراساتٍ مستقبليةٍ لتحديدِ ما إذا كانتْ هذهِ المغذياتُ النباتيةُ وغيرُها يُمكنُ أنْ تعزِّزَ التعلُّمَ والوظيفةَ المعرفيةَ في النماذجِ الحيوانيةِ والبشر.


إستراتيجيةٌ جديدةٌ للقضاءِ على البكتيريا قدْ تُسببُ عدوى


حددَ الباحثونَ في كليةِ بايلور للطبِ إستراتيجيةً جديدةً يمكنُها القضاءُ على البكتيريا في موقعٍ معينٍ قبلَ أنْ تسبِّبَ العدوى.


تستخدمُ الإستراتيجيةُ العاثيات، وهيَ فيروساتٌ يُمكنُها أنْ تصيبُ البكتيريا وتدمرَها.


ويقولُ الباحثونَ إنَّ تلكَ الطريقةَ لديها القدرةُ على تغييرِ قواعدِ اللعبةِ في مكافحةِ البكتيريا المقاوِمةِ للمضاداتِ الحيويةِ التي تعيشُ في أماكنِ يَصعبُ الوصولُ إليها، مثلَ الطبقةِ المخاطيةِ في الأمعاء.


العاثياتُ محددةٌ جدًّا في قدرتِها على إصابةِ وتدميرِ أنواعٍ أوْ سلالاتٍ معينةٍ منَ البكتيريا وليسَ غيرها. وأصبحَ العلاجُ بالعاثياتِ خيارًا متاحًا بشكلٍ متزايدٍ لعلاجِ الالتهاباتِ البكتيريةِ المقاوِمةِ للمضاداتِ الحيوية.


ويُمكنُ للبكتيريا المقاوِمةِ للمضاداتِ الحيويةِ استعمارُ الأمعاءِ البشريةِ دونَ أنْ تُسببَ ضررًا لها؛ لكنَّها يُمكنُها أيضًا الخروجُ منها وإصابةُ الأعضاءِ الأخرى. على سبيلِ المثالِ، ارتبطتْ هذهِ البكتيريا بالتهاباتِ المسالكِ البوليةِ والدماغِ والصفاقِ والأعضاءِ الطرفيةِ والدمِ والتسممِ المصاحبِ للأجهزةِ المزروعة؛ مثلَ القسطرةِ البوليةِ وأجهزةِ الأوعيةِ الدمويةِ وأنابيبِ التغذيةِ ومصارفِ الجروح، مما يؤدي إلى تسعةِ ملايين حالةِ عدوى سنويًّا.


في دراسةٍ سابقة؛ أظهرَ الفريقُ نفسُه من باحثي كليةِ بايلور أنَّ العاثياتِ يُمكنها أن تعالجَ بفاعليةٍ العدوى التي تسببُها البكتيريا؛ وفي تلكَ الدراسة؛ حاولَ الفريقُ معرفةَ إذا كان بإمكانِهم استخدامُ العاثياتِ لإزالةِ هذه البكتيريا لمنعِ العدوى منَ الأساس.


تواجهُ العديدُ منَ العاثياتِ صعوبةً في محاربةِ البكتيريا في الأمعاء. اكتشفَ الفريقُ أنَّ هناكَ عاملًا موجودًا في أمعاءِ الثديياتِ يمنعُ العاثياتِ منْ تدميرِ البكتيريا. يسمى ذلكَ العاملُ الميوسين، وهوَ بروتيناتٌ لزجةٌ تشكلُ طبقةً بينَ الخلايا الظهاريةِ المعويةِ وطبقةِ الكائناتِ الحيةِ الدقيقة.


بدأَ الباحثونَ في البحثِ عنْ عاثيةٍ تغلبتْ على ذلكَ العاملِ عبرَ تطويرِ قدرةٍ تجعلُها تخترقُ تلكَ البروتيناتِ اللزجةَ لمواجهةِ البكتيريا.


فحَصَ الفريقُ مياهَ الصرفِ الصحيِّ البشريةَ والبرازَ الحيوانيَّ بحثًا عنِ العاثياتِ ذاتِ الخصائصِ الفريدةِ التي يُمكنُها الالتصاقُ بالميوسين. حتى وجدُوا إحدى أنواعِ العاثياتِ ويُطلقُ عليها ES71 قادرةً على تجاوُزِ طبقةِ البروتيناتِ اللزجةِ والوصولِ إلى البكتيريا.


بعدَ ذلكَ فَحَص الباحثونَ قدرتَها على محاربةِ بكتيريا الأمعاءِ الضارة، ووجدوا -في النماذجِ الحيوانية- أنَّ تلكَ العاثيةَ يُمكنُها استهدافُ البكتيريا المقاوِمةِ للمضاداتِ الحيويةِ وتدميرُها قبلَ بدءَ العدوى منَ الأساس.


ويقولُ العلماءُ إنَّ تلكَ الطريقةَ تُشكلُ آليةً جديدةً لمكافحةِ الالتهاباتِ البكتيريةِ عبرَ الاستهدافِ الموضعي، لأنَّها تمكِّنُ العاثيةَ منِ استهدافِ البكتيريا في أماكنِ وجودِها مباشرة.


ومنَ المتوقعِ أنْ يكونَ الاستهدافُ الموضعيُّ هوَ الطريقةَ التي تعملُ بها الأدويةُ الذكيةُ في المستقبل. فلنْ يتمَّ توزيعُ الأدويةِ في جميعِ أنحاءِ الجسم على أملِ أنْ يقابلَ الدواءُ البكتيريا -أوِ الكائنَ المُمْرِض- في مكانٍ ما، لكنَّها ستذهبُ مباشرةً حيثُ يُفترضُ أنْ تعمل... وهوَ المفهومُ الذي تُحققهُ العاثياتُ في تلكَ الدراسة.

فبراير 18, 2021

هل تنتقل عدوى «كورونا» من الأم إلى الجنين في أثناء الحمل؟

 


مع اتساع رقعة انتشار فيروس "كورونا" المستجد (2019-nCoV) حول العالم، وتزايُد الأعداد اليومية للوفيات والإصابات، لا تزال طبيعة انتشار هذا الفيروس القاتل مجهولة، ولا يزال انتقاله من الأم المصابة إلى الجنين أحد أبرز التساؤلات التي يبحث العلماء عن إجابة دقيقة لها، في محاولة لاحتواء تفشِّي هذا الفيروس بين المواليد الجدد، خاصةً بعد انتشاره في أكثر من 60 دولة حول العالم.


إجابة هذا السؤال باتت مُلِحَّة، بعد رصد إصابة مولود صيني بعدوى الفيروس الذي أُطلق عليه اسم "كوفيد 19" (COVID-19)- بعد 36 ساعة فقط من ولادته، ما دفع فريقًا بحثيًّا بمستشفى تشونغنان التابع لجامعة ووهان الصينية، إلى إجراء أول دراسة من نوعها، منذ بدء ظهور الفيروس في الصين نهاية ديسمبر الماضي، لبحث إمكانية انتقال الفيروس من الأم إلى جنينها. وكان أمام الفريق البحثي عدة فرضيات، أبرزها إمكانية انتقال العدوى في الرحم عبر المشيمة، أو في أثناء عملية الولادة نتيجة ملامسة سوائل الأم، بالإضافة إلى إمكانية انتقاله بعد الولادة عن طريق حدوث اتصال وثيق بمريض مصاب بالفيروس.


اعتمد الفريق في نتائج دراسته المنشورة في 12 فبراير الجاري بدورية "ذا لانسيت" (The Lancet)، على تحليل عينات مأخوذة من 9 سيدات حوامل أصبن بالفيروس في الفترة ما بين 36 إلى 39 أسبوعًا من الحمل، وكُنَّ قد نُقِلنَ إلى مستشفى تشونغنان في مدينة ووهان، بؤرة انتشار "كورونا" في الصين بين يومي 20 و31 يناير 2020.


ولكن عندما أنجبت الأمهات أطفالهن التسعة عن طريق ولادات قيصرية، لم يلحظ الأطباء ظهور أية أعراض للمرض على المواليد؛ إذ انتهت نتائج الفريق البحثي بشكل مبدئي، إلى أن "كوفيد 19" لا ينتقل من الأم المصابة بالفيروس إلى جنينها عبر المشيمة خلال الثلث الأخير من الحمل.


الانتقال العمودي للفيروس


البروفيسور يونتشن تشانغ، قائد فريق البحث، قال في تصريحات : إن أبرز ما توصلت إليه الدراسة، هو عدم رصد أية أدلة على إمكانية انتقال عدوى "كوفيد 19" عموديًّا، أي من الأم إلى جنينها خلال الأسابيع الأخيرة من الحمل، وذلك رغم محدودية العينة (9 سيدات حوامل فقط).


وأضاف: "أخضعنا السيدات الحوامل للفحوصات ذاتها التي يخضع لها غير الحوامل؛ لتشخيص إصابتهن بالفيروس، متضمنةً فحوصات الدم والصدر، وراجعنا أيضًا تاريخهن الطبي في السابق".


وأوضح "تشانغ" أنه تم تقييم مدى انتقال الفيروس من الأم إلى الجنين عبر جمع عينات من السائل الأمينوسي (السائل الذي يحيط بالجنين داخل رحم الأم)، ودم الحبل السري، بالإضافة إلى حليب الثدي، وكذلك أخذ مسحة من حلق المولود لحظة الولادة، وقد أُخذت جميع العينات في غرفة العمليات حتى تعكس ظروف الرحم الحقيقية، وبعد تحليلها اكتشفنا أن جميع العينات سلبية.


وعن طرق انتقال الفيروسات والبكتيريا عمومًا، قال أحمد محمد قنديل، باحث الفيروسات بالمركز القومي للبحوث في مصر: إن هناك طريقتين لانتقال الفيروسات، أولاهما العدوى المنتقلة عموديًا (Vertical Transmission) من الأم مباشرةً إلى الجنين أو الطفل في أثناء الحمل أو عند الولادة، وأخيرًا العدوى المنتقلة أفقيًّا (Horizontal Transmission) هي انتقال العامل الممرض مثل البكتيريا والفيروسات المعدية بين أفراد من النوع نفسه ليست بينهم علاقة أبوة أو بنوة، وذلك عبر المخالطة أو ملامسة الرذاذ وإفرازات الجهاز التنفسي، بالنسبة لفيروسات الجهاز التنفسي كـ"كورونا"، أو عبر الدم الملوث كـ"الإيدز" والفيروسات الكبدية "سي" و"بي".


وعن الطريقة المعتمدة حاليًّا لتشخيص الإصابة بـ"كوفيد 19" لدى الأشخاص المحتملين، أشار "قنديل" إلى أن ذلك يتم عن طريق اختبار معتمد من قِبَل منظمة الصحة العالمية للكشف الجزيئي عن الفيروس، لعينات مأخوذة من أشخاص يُشتبه في إصابتهم به.


وأضاف أن العينة عبارة عن مسحة مأخوذة من البلعوم أو الحلق أو الأنف، وتوضع في وسط ناقل يحافظ عليها لاستخدامها في دراسات أخرى، ثم يتم عمل استخلاص للمادة الوراثية في العينة عبر تقنية تفاعل البوليمرات المتسلسل العاكس (RT-PCR) لقياس كمية محددة من الحمض النووي للفيروس، وهي فحوصات معملية سهلة ومتاحة على نطاق واسع، وقياس أعداد الفيروس أو ما يُعرف بالحمل الفيروسي الموجود في العينة.


نتائج مفيدة للغاية


وأوضح "قنديل" أن الدراسة تم تنفيذها بشكل رائع، ووصف نتائجها بأنها مفيدة للغاية في إعطاء مؤشرات أولية على إمكانية انتقال الفيروس من الأم الحامل إلى الجنين، لكنها تحتاج إلى استكمالها عبر مراحل أخرى جديدة.


واتفق معه محمد سمير، مدرس علم الفيروسات بقسم الأمراض المشتركة، كلية الطب البيطري، جامعة الزقازيق، إذ أشاد بما توصل إليه العلماء من نتائج دقيقة، رغم محدودية العدد الذي شارك في الدراسة، لكنها أجابت عن سؤال محوري يهم قطاعًا واسعًا من الباحثين والجمهور، وهو إمكانية نقل عدوى "كورونا" من الأم إلى الجنين، لكن لا يمكن تعميم النتائج بصورة كاملة حتى تُستكمل الأبحاث على عدد أكبر، بحيث يجري تأكيد النتائج الأولية أو نفيها.


وأضاف في حديث له أن محدودية العدد في هذه الدراسة تحديدًا، تعتبر مقبولة، لسببين: الأول ظروف الوباء وسرعة انتشاره، وبالتالي حرص الفريق على الخروج بنتائج عاجلة قدر الإمكان، والثاني حرص الفريق على تحقيق السبق في هذه النقطة البحثية، والبناء عليها في تجارب موسعة، بالإضافة إلى استشهاد باحثين آخرين بما تحقق فيها من نتائج.


وفي تعليقه على هذه النقاط، أشار "تشانغ" إلى أن فريقه سيواصل أبحاثه على عينات لأعداد أكبر من الحوامل، بالإضافة إلى متابعة السيدات المصابات بالعدوى وكذلك أطفالهن، من أجل مواصلة تقييم آثار عدوى "كوفيد 19" على سلامة وصحة الأمهات والمواليد، كما سيركزون -على وجه الخصوص- على مراقبة سيدات حوامل في الثلث الأول والثاني من الحمل، وكذلك لسيدات ولدن طبيعيًّا، لتقييم الآثار طويلة الأجل لعدوى الفيروس.


نقاط القوة وأوجه القصور


وعن نقاط التميز في الدراسة، أوضح "سمير" أنها تتمثل في أن العينات التي حصل عليها الفريق من السيدات الحوامل أو الأجنة، كانت في أثناء انتشار الوباء في مدينة ووهان بؤرة الفيروس في الصين، ولحظة حدوث الولادة داخل غرفة العمليات، وليس بعدها بساعات أو فترة طويلة، ما يؤكد دقة النتائج، وعدم فتح الباب أمام إمكانية اكتساب المولود للعدوى من البيئة المحيطة.


أما عن أوجه القصور التي يمكن علاجها في الدراسات المستقبلية، فقد أضاف "سمير" أن الفريق أخذ جميع الحالات الـ9 للسيدات الحوامل، من مستشفى واحد في الصين، رغم انتشار الفيروس في أكثر من منطقة بالبلاد، والأفضل أن يتم أخذ العينات من أكثر من منطقة ومستشفى؛ إذ إن هذا الإجراء يعطي قوة للدراسة ونتائجها.


تاريخ عائلة "كورونا"


وبالعودة إلى تاريخ عائلة فيروسات "كورونا"، عقد "قنديل" مقارنة لهذه العائلة من حيث خطورتها وانتقالها إلى الأجنة بعد تحوُّرها عام 2003، الذي شهد أول انحراف وتحوُّر لعائلة "كورونا" في العالم، ليظهر في نوع جديد يسمى "سارس"، ثم ظهر بعده "ميرس" كورونا بالسعودية عام 2012، ثم مؤخرًا كورونا المستجد في الصين.


وأضاف "قنديل" أن الدراسات أثبتت أن عائلة "كورونا" المتحورة لا تنتقل من الأم إلى الجنين، فهناك دراسات أُجريت على فيروس "سارس" (SARS-CoV) في أثناء الحمل، ومنها دراسة أجريت في 2004، في أثناء انتشار الوباء، أظهرت أن الفيروس لا ينتقل من الأم إلى الجنين، والأمر ذاته يحدث في عدوى متلازمة الشرق الأوسط التنفسية أو كورونا الشرق الأوسط (MERS-CoV)، إذ كشفت دراسة أجريت في 2017، أن الفيروس لا ينتقل من الأم إلى الجنين.


وعن المحددات التي يمكن أن تؤدي دورًا في انتقال فيروسات عائلة كورونا من الأم إلى الجنين، أشار إلى أن أولها يرجع إلى العوامل الفيروسية، كحجم الفيروس وإمكانية عبوره إلى المشيمة والانتقال إلى الجنين، وثانيها الحمل الفيروسي (كمية الفيروس) في جسم الأم ومدى انخفاضه وارتفاعه، وثالثها مكان تكاثر الفيروس في الجسم، هل هو في الجهاز التنفسي كفيروس كورونا أو في الدم كفيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز)، على سبيل المثال.


وتابع "قنديل" أنه في حالة "كوفيد 19"، يمكن للفيروس أن ينتقل عبر الدم من الأم إلى الجنين إذا كان الحمل الفيروسي شديدًا للغاية؛ كي يمكنه الانتقال من الرئتين إلى دم الأم، ثم عبر حاجز المشيمة إلى الجنين.


واتفق معه "سمير"، مضيفًا أن فيروس "كورونا" عادةً لا يوجد في الدم، وإنما يكون في الجهاز التنفسي، لكن يمكن أن تكون هناك أجسام مضادة في الدم، يفرزها الجهاز المناعي، تشير إلى وجود عدوى فيروسية. وأضاف أنه بالنظر إلى جميع وفيات فيروس "كورونا" حتى الآن فقد جاءت نتيجة أعراض تنفسية شديدة، ولا علاقة لها بوجود الفيروس في الدم.


انتقال الأمراض الفيروسية


في حين تطرَّق "سمير" إلى الأمراض الفيروسية التي يمكن أن تنتقل من الأم إلى الجنين عن طريق الدم، مشيرًا إلى أن أبرزها فيروس نقص المناعة البشري "الإيدز" (HIV)، بالإضافة إلى فيروس الكبد الوبائي بي (Hepatitis B)، بالإضافة إلى الهربس (Herpes virus) الذي يُحدث تشوهات في الأجنة وإجهاضًا للحمل غير معلوم السبب؛ لأن عدواه يمكن أن تظل كامنةً لدى الأمهات، وقد يحدث ذلك الانتقال خلال الحمل، لكن الأغلب أنه يحدث في أثناء عملية الولادة الموجودة في الجهاز التناسلي للأم في أثناء الولادة الطبيعية.


لكنه أشار إلى أن احتمالات انتقال "كورونا" نتيجة عدوى الجهاز التناسلي لم تُثبت بعد، لأن الولادات التي تابعتها الدراسة الجديدة كانت قيصرية وليست طبيعية، وهو ما يمكن اختباره في دراسات مستقبلية.


وأضاف "سمير" أن هناك أمراضًا تنفسية أخرى يمكن أن تنتقل من الأم إلى الجنين، لكن الشرط الوحيد لانتقالها أن تكون العدوى عالية الضراوة، إذ ينتقل الفيروس من الجهاز التنفسي إلى خلايا الدم، وبالتالي يمكن أن ينتقل إلى الجنين، وحدث ذلك مع فيروس الإنفلونزا الإسبانية (H1N1 flu virus) عام 1918، وأحدث وفيات لدى الحوامل، بالإضافة إلى أن حوالي ثلث الحوامل اللاتي أصبن بالفيروس ظهرت عليهن أعراض شديدة للفيروس استدعت الدخول إلى غرف العناية المركزة.


وأشار إلى أن الأمراض التي تنقلها الأم إلى الجنين تختلف تداعياتها وفقًا لتوقيت الحمل الذي تقسيمه إلى 3 أثلاث أو مراحل، لكن الدراسة ركزت فقط على الثلث الثالث أو الأخير من الحمل، وذلك لظروف الوباء الحاصل حاليًّا.


ونوه "سمير" بأن الجهاز المناعي للأم يكون في أضعف حالاته خلال الأشهر الأولى من الحمل، ويمكن أن تؤدي إصابتها بالعدوى خلال هذه المرحلة إلى مضاعفات خطيرة على الجنين قد تصل إلى حد الإجهاض، وبالتالي من المهم أن يختبر فريق البحث تداعيات فيروس "كوفيد 19" على الأجنة خلال جميع مراحل الحمل، وليس الثلث الأخير كما جاء في الدراسة.

فبراير 18, 2021

يد اصطناعية تعويضية تحاكي الخصائص الأحيائية الرئيسة لهذا الطرف في جسم الإنسان



طور باحثون إيطاليون يداً اصطناعية تعويضية تحاكي الخصائص الأحيائية الرئيسة لهذا الطرف في جسم الإنسان، وفي مقدورها تالياً أن تقلد الطرق التي تعمل بها نظيرتها البشرية.


ويزعم الباحثون أن اليد التي سموها "هانيس" Hannes، تستطيع أن تعيد للأشخاص الذين بُترت أطرافهم العلوية ما يزيد على 90 في المئة من وظائف اليد الطبيعية المفقودة.


يتحرك الطرف الاصطناعي التعويضي، الذي يشتمل على اليد والمعصم، باستخدام إشارات كهربائية تولدها عضلات المُستخدم.


ترصد مجموعة من المستشعرات نشاط عضلات الطرف الذي خسره المستخدم، حيث يرتدي اليد، ويستخدم برنامجاً حاسوبياً صُمم خصيصاً لتنفيذ حركات دقيقة.


لكن مع ذلك، يرى الباحثون أن التصميم الميكانيكي لليد، الذي يبدو فريداً في قطاع السوق الخاصة بهذه الأطراف، يشكل الأساس لاستخدامات متعددة للأطراف الاصطناعية التعويضية وطلاقة حركتها.


وتسمح تلك الآلية لليد أن تتكيف مع الشيء الذي تمسك به باستخدام محرك واحد، ما يعزز كفاءتها.


هكذا، يمكن توجيه إصبع الإبهام في ثلاثة اتجاهات مختلفة، قبضة محكمة للإمساك بالأشياء الصغيرة الحجم، وقبضة جانبية للتحكم بالأشياء الرفيعة، و"قبضة كهربائية" يقول الباحثون إن في استطاعة المستخدم استعمالها لرفع الأجسام ذات الوزن الثقيل.

يستطيع المعصم أيضاً أن يدور، على غرار دوران مفتاح في قفل، ما يعني أن في مقدور الشخص الذي يرتدي اليد التعويضية أن يحمل الأشياء في اتجاهات مختلفة.

ويحتوي الطرف الاصطناعي البديل على بطارية أمبير بقوة "1300 مل" في الساعة توفر للمعني بالأمر استخداماً يومياً عادياً، وتدوم فاعليتها سنة واحدة.

كذلك تتوفر اليد البديلة بحجمين مختلفين، يناسبان الرجال والنساء الذين يستخدمون اليد اليمنى أو نظيرتها اليسرى.

وحسب الباحثين، فإنه بعد فترة تدريب تقل عن أسبوع، يمكن للمرضى استخدام "هانيس" في منازلهم لأداء مهام يومية عدة.

وقد نُشرت النتائج في مجلة "ساينس روبوتيكس" Science Robotics.

كذلك هناك أطراف اصطناعية أخرى، طُورت وهي قادرة عند الإمساك بشيء ما على نقل الإحساس إلى المُستخدمين الذين تعرضوا لبتر اليد..

وفي العام الماضي، ابتُكرت ذراع آلية (من قبل مهندسي الطب الحيوي)، أُطلق عليها اسم "لوك سكايواكر"Luke Skywalker -  (نسبة إلى بطل سلسلة أفلام "حرب النجوم" صاحب اليد الآلية)، قادرة على الاستشعار بما فيه الكفاية لقطف العنب وتقشير موزة، وحتى إرسال رسائل نصية.

فبراير 18, 2021

خلايا شمسية قادرة على تجميع طاقة الضوء المنعكس على أسطحها السفلية بكفاءة



 قام العلماء بتصنيع خلايا شمسية قادرة على تجميع طاقة الضوء المنعكس على أسطحها السفلية بكفاءة، بالإضافة إلى قدرتها على حصر ضوء الشمس المباشر بالطريقة التقليدية، تعتمد هذه الخلايا على مزيج من تقنية أشباه الموصلات التقليدية المصنوعة من السيليكون ومواد يُطلق عليها البيروفسكايت الهجين.


يقول ستيفان دي ولف، من مركز بحوث الطاقة الشمسية بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية في المملكة العربية السعودية: "يمكن ]لخلايانا الشمسية[ أن تحقق كفاءة أعلى من أي نوع آخر من الخلايا الشمسية التجارية القائمة على السيليكون"، طورَ دي ولف وزملاؤه هذه التقنية بالتعاون مع فرق بحثية في كندا وألمانيا وإيطاليا.


يستخدم النظام الجديد مزيجًا "ترادفيًّا" من طبقة سيليكون تقليدية وطبقة أخرى مصنوعة من البيروفسكايت، هذا الهيكل الترادفي استُخدِم فيما سبق، لكن لحصر الضوء المباشر فقط.  


ثمة كمية كبيرة من طاقة الضوء، تُعرف باسم الوضاءة، تتشتت وتنعكس من سطح الأرض، ويمكن للخلايا الشمسية "الترادفية ثنائية الوجه" أن تحصد أغلب هذه الوضاءة التي تتعرض للإهدار لولا هذه التقنية الجديدة.


يقول دي ولف: "إن المزج بين مفهومي ثنائية الوجه والترادفية يتيح فرصًا أمام توليد طاقة عالية جدًّا بتكلفة معقولة".


بالرغم من أن طبقات السيليكون والبيروفسكايت تشكل الجزء الأكبر من الخلايا الشمسية الترادفية ثنائية الوجه الجديدة، فإن هذه الخلايا تضم أيضًا الكثير من المكونات الكيميائية الأخرى، يقول دي ولف: "تمثلت التحديات الرئيسية في الطبيعة المُعقدة للأداة الترادفية التي شملت 14 مادة، يجب استخدام كلٍّ منها على أفضل وجه بما يراعي تأثير الوضاءة".


يعلِّق البروفيسور كريستوف باليف، مدير مختبر الألواح الكهروضوئية بكلية لوزان الاتحادية للفنون التطبيقية بسويسرا، والذي لم يشارك في البحث: " تقدم هذه الورقة البحثية أول دليل تجريبي واضح على أهمية الأدوات الترادفية ثنائية الوجه"، ويشير إلى أن التحليل الكمي للأداء الوارد في تقارير الباحثين سيكون مهمًّا لتصنيع الأدوات المستقرة اللازمة لدخول التقنية إلى السوق واسعة النطاق.


يسعى الباحثون الآن لإيجاد جهات متعاونة في قطاع الصناعة؛ لنقل عملهم إلى حيز التطبيقات الواقعية.

فبراير 18, 2021

كيف يستجيب الدماغ للجمال؟

 


لطالما كان الجمال، الذي سعى الشعراء والفنانون وراءه، شيئًا مراوغًا ومحيرًا، إننا نتلمس الجمال في الطبيعة، والفن، والفلسفة، بل حتى في هواتفنا، وأثاث بيوتنا، إننا نقدِّره بلا تفكير، ونصبو إلى إحاطة أنفسنا به، بل ربما ركزنا كل اهتمامنا في السعي وراءه، وبالجمال نعرف عالمنا، ومع ذلك يصعب علينا تعريف الجمال نفسه، وقد أشار الفيلسوف جورج سانتايانا في كتابه الصادر عام 1896 بعنوان "حس الجمال" The of Beauty إلى أنه توجد بداخلنا "نزعة متطرفة وواسعة النطاق لرؤية الجمال وتقديره".


حاول فلاسفة من أمثال سانتايانا على مر القرون إدراك حقيقة الجمال، وربما آن الأوان للعلماء المعاصرين أن يخوضوا التجربة ذاتها بدورهم، ورغم أن العلم لا يستطيع أن يخبرنا حتى هذه اللحظة بماهية الجمال، فربما يمكنه أن يخبرنا بمواطن وجوده، ومواطن غيابه؛ ففي دراسة أُجريت مؤخرًا، نظر فريقٌ من الباحثين بجامعة تسينغهوا في بكين وزملاء لهم في أصل الجمال، وتوصلوا إلى أنه غامض في أدمغتنا بقدر غموضه في عالم الواقع.


ثمة العديد من النظريات التي تناقش ماذا يجعل الشيء مبهجًا من الناحية الجمالية، وقد أسهب علماء النفس في دراسة الأفكار المتعلقة بالتناسب، والانسجام، والتماثل، والنظام، والتعقيد، والتوازن، وترجع بعض تلك النظريات إلى عام 1876 -في الأيام الأولى لنشأة علم النفس التجريبي- حين قدَّم عالِم النفس الألماني جوستاف فخنر أدلةً على أن الناس يفضلون المستطيلات التي تحقق أطوال أضلاعها النسبة الذهبية (وإذا كنت تتساءل عن تلك النسبة، فإنها تساوي تقريبًا 1.6:1).


في ذلك الوقت، كان فخنر عاكفًا على مشروع "الفيزياء النفسية الخارجية"، الذي يُعنى بالبحث عن العلاقات الرياضية بين المثيرات والإدراكات الناتجة عنها، غير أن ما أذهله واستعصى عليه كان دراسة "الفيزياء النفسية الداخلية"، التي تربط حالات الجهاز العصبي بالتجارب الذاتية المصاحبة لها، وعلى الرغم من تجارب فخنر التي تناولت النسبة الذهبية، فقد ظل يعتقد أن الجمال يكمن -إلى حدٍّ كبير- في دماغ الرائي.


ولعل السؤال الآن هو: أي جزء من أجزاء دماغنا يستجيب للجمال؟ تعتمد الإجابة على ما إذا كنا نرى الجمال بوصفه فئةً منفردةً مستقلة، وضع علماء الدماغ الذين يميلون إلى فكرة وجود "مركز للجمال" في الدماغ فرضية أن هذا المركز موجود في القشرة الجبهية الحجاجية، أو القشرة الأمامية الجبهية البطنية، أو الفص الجزيري، وإذا انتصرت هذه النظرية، فيمكن حينئذٍ أن ننسب الجمال إلى منطقةٍ واحدةٍ في الدماغ، وهكذا فإننا سنشعر بالجمال بالطريقة نفسها، سواءٌ أكنا نستمع إلى فرانز شوبرت، أو ننظر إلى لوحة لدييجو فيلاسكيز، أو نرى ظبيًا في ضوء النجوم.


ولو صحت فكرة مركز الجمال، فسيمثل هذا انتصارًا كبيرًا لنظرية التموضع الوظيفي؛ فوفق هذا المنظور -الذي يعتنقه الكثيرون ويمثل في الوقت ذاته مصدر جدل كبيرًا- فإن أكثر وظائف الدماغ ناتجة عن وحدات عالية التخصص، ولتبسيط الفكرة بعض الشيء، يمكننا أن نتخيل وضع أوراق ملحوظات لاصقة على مناطق من الدماغ مع ذكر التوصيف الوظيفي لها: "مركز الشعور بالمتعة"، و"مركز الذاكرة"، و"المركز البصري"، و"مركز الجمال"، ورغم أن نسخةً ما من هذه النظرية صحيحةٌ على الأرجح، فمن المؤكد أنه لا يمكن أن يكون لأي نوع من الحالات العقلية التي يمكنك وصفها أو الشعور بها موضعٌ محددٌ بدقة في الدماغ، ومع ذلك، فثمة أدلة قوية على وجود أجزاء معينة في القشرة البصرية تتَّسم بانتقائية رائعة للحركة، على سبيل المثال، ومن الواضح تمامًا أن أجزاءً أخرى غير متداخلة لا تنشط إلا برؤية الوجوه، لكن في مقابل كل دراسة متأنية تثبت اكتشاف وظيفة دماغية موضعية محددة، ثمة دراسات أكثر كثيرًا أخفقت في إثبات أن لمنطقةٍ ما توصيفًا وظيفيًّا معينًا.


وبدلًا من احتمالية إضافة دراسة جديدة إلى مجموعة الدراسات غير الحاسمة حول ما إذا كان إدراك الجمال متموضعًا في منطقةٍ معينةٍ من الدماغ أم لا، قرر باحثو جامعة تسينغهوا في دراستهم الحديثة إجراء تحليل بعدي؛ إذ جمعوا بيانات من عدة دراسات منشورة بالفعل لمعرفة ما إذا كانت تلك الدراسات قد توصلت إلى نتيجة متسقة، في البداية، فحص الفريق جميع الدراسات السابقة للتصوير الدماغي التي فحصت استجابات الأشخاص العصبية للأعمال الفنية المرئية والوجوه، والتي طرحت على الأشخاص المشاركين فيها تساؤلات عما إذا كان ما رأوه يُعد جميلًا أم لا، وبعد مراجعة الدراسات المختلفة، وجد الباحثون لديهم بيانات 49 دراسة إجمالًا، وهي تمثل تجارب شارك فيها 982 شخصًا، تُعَدُّ الوجوه والفنون المرئية أنواعًا مختلفة من الأشياء الجميلة، وهو ما أتاح إجراء اختبار مباشر من ناحية المفاهيم لفرضية وجود مركز للجمال، فإذا كان الجمال الفائق (كمفهوم عام) شيئًا مشتركًا حقًّا بين الوجوه والأعمال الفنية المرئية، وكانت تجري معالجته في منطقة الجمال في الدماغ، فلا بد أن تظهر هذه المنطقة في الدراسات، بغض النظر عن الشيء المحدد الذي يُنظر إليه على أنه جميل، وإذا لم يمكن العثور على مثل هذه المنطقة، فالأرجح أن كلًّا من الوجوه والأعمال الفنية المرئية ستكون جميلةً بطريقتها الخاصة، كما يقول الآباء عن أبنائهم.


يُطلق على الطريقة المستخدمة في تحليل البيانات المجمعة اسم "تقدير احتمالية التنشيط" (ALE)، ورغم أنها تنطوي على أسلوب إحصائي رسمي، فإنها فكرة بديهية تتمثل في أننا نثق أكثر بالأشياء التي تنال عددًا أكبر من الأصوات، تتعامل طريقة تقدير احتمالية التنشيط مع كل دراسة من الدراسات الـ49 على أنها تمثل تقريرًا غامضًا معرضًا للخطأ بشأن موقع معين في الدماغ، أي تتعامل مع النقطة المحددة التي "أضاءت" عند إجراء التجربة، بدرجة من عدم اليقين، وكان مقدار عدم اليقين يزيد إذا كانت الدراسة تضم عددًا قليلًا من المشاركين، ويقل مقداره إذا ضمت الدراسة عددًا أكبر من المشاركين، ما يمثل نمذجةً للثقة المستمدة من جمع المزيد من البيانات، وبعد ذلك جرى دمج هذه النقاط الـ49 ونسب عدم اليقين المصاحبة لها في خريطة إحصائية مركبة، وهو ما يوفر صورةً متكاملةً لتنشيط الدماغ على مستوى دراسات كثيرة ووسيلةً للتعبير عن مدى ثقتنا باتفاق التجارب معًا، فإذا كانت ثمة منطقة صغيرة واحدة متوهجة بشدة بعد الدمج (كانت جميع مناطق عدم اليقين صغيرةً ومتقاربة)، فهذا يعني أنها نشطت بصورة موثوقة في جميع الدراسات المختلفة.


بإجراء هذه التحليل، وجد الفريق البحثي أن الأعمال الفنية المرئية الجميلة والوجوه الجميلة تثير نشاطًا موثوقًا في مناطق محددة من الدماغ، وما من شيءٍ يدعو للدهشة في هذا الأمر؛ فمن الطبيعي أن يفعل المخ شيئًا ما عندما تنظر إلى مثير بصري، غير أن مناطق الدماغ لم يكن بينها أي تداخل يُذكر تقريبًا، وهو الأمر الذي يعارض فكرة تنشيط مركز مشترك للجمال، وإذا أخذنا ذلك على ظاهره، فإن جمال الوجه يختلف عن جمال اللوحة، وإذًا فالجمال متعدد، ومتنوع، ويشكل جزءًا لا يتجزأ من تفاصيل الوسط المحيط به.


وربما كان مركز الجمال المفترَض موجودًا بالفعل، ولكن تعذَّر ظهوره لأسباب منهجية متنوعة، وبطبيعة الحال فإن هذا التحليل لا يحسم مسألةً عميقةً وصعبةً مثل مسألتنا هذه، غير أن هذا يثير نقطة مهمة: ما الذي نحاول تحقيقه هنا؟ لماذا نهتم بما إذا كان الجمال شيئًا واحدًا في الدماغ أو عشرة أشياء؟ وإذا كان عشرة أشياء، فهل هذا يعني أنه يتضاعف عشرة أضعاف أم يقل بمقدار عشرة أضعاف؟ ولعل السؤال الأكثر صلةً هو: كيف سيختلف فهمنا للجمال إذا أمكننا تحديد موضعه في الدماغ؟ من المرجح أن تمر سنوات عديدة، وربما حتى أجيال، قبل أن يكون لدينا شيءٌ قد يسمى "علم أعصاب الجمال" على نحوٍ يقنع بحق علماء وظائف الأعضاء والإنسانيات، ولكن يمكننا أن نتيقن من أن إغراءات الجمال ستواصل في غضون ذلك سحبنا إلى هذه الساحة الفوضوية، المغوية، المثيرة للفضول، والمبهمة.

فبراير 18, 2021

ما هو حجم ما نستطيع معرفته بالعلم؟

 


كتب الفيزيائي الألماني فيرنر هايزنبرج -وهو أول مَن توصل إلى إدراك عدم اليقين المتأصل في فيزياء الكمّ- قائلًا: ’’إن ما نلاحظه ليس هو الطبيعة في حد ذاتها، بل هو الطبيعة التي تظهر بالنسبة لطريقتنا في الاستبانة‘‘. بالنسبة لهؤلاء الذين يعتبرون العلم مسارًا مباشرًا إلى حقيقة هذا العالم، لا بد أن تكون هذه العبارة مفاجِئة لهم، بل ربما تكون عبارة مسبِّبة للضيق. هل يقول هايزنبرج إن نظرياتنا العلمية مشروطة بما نفعله كقائمين بالملاحظة؟ إذا كان هذا هو ما يقوله، وأخذنا ما يقول بجدية، فهل يعني هذا أن ما نسمِّيه حقيقةً علميةً لا يعدو كونه وهمًا كبيرًا؟

سيرد الناس الهجوم بسرعة عن طريق قول شيء مثل: لماذا تطير الطائرات؟ أو لماذا تعمل المضادات الحيوية؟ لماذا نستطيع بناء الآلات التي تعالج المعلومات بمثل هذه الكفاءة المذهلة؟ من المؤكد أن اختراعات كهذه -وغيرها الكثير- تستند إلى قوانين الطبيعة التي تعمل بطريقة مستقلة عنَّا. ثمة نظام في الكون، ويقوم العلم تدريجيًّا بالكشف عن ماهية هذا النظام.

لا شك في ذلك: ثمة نظام في الكون، ويُعنى قدر كبير من العلم بالتوصُّل إلى أنماط السلوك (بدءًا من الكواركات ومرورًا بالثدييات ووصولًا إلى المجرات) التي نترجمها إلى قوانين عامة. نحن نُجرِّد الأمور من التعقيدات غير الضرورية، ونركز على ما هو أساسي -أي الخصائص الجوهرية للنظام الذي ندرسه، وبعدها نعمد إلى بناء سرد وصفي للطريقة التي يسلكها النظام، وهو أمر -في أحسن الأحوال- ينطوي على التنبؤ هو الآخر.

والأمر الذي غالبًا ما نغفل عنه في غمرة الحماس الذي يكتنف عملية إجراء البحوث هو أن منهجية العلم تتطلب التفاعل مع النظام الذي نُخضعه للدراسة. إننا نلاحظ سلوك النظام، ونقيس خصائصه، ونبني نماذج رياضية أو تصورية لكي نفهمه بشكل أفضل. ولتحقيق ذلك، نحتاج إلى أدوات تمتد إلى عوالم تتجاوز ذلك الذي تصل إليه مدركاتنا الحسية: كل ما هو صغير جدًّا، أو سريع جدًّا، أو بعيد جدًّا، أو ما يستحيل الوصول إليه من الناحية الافتراضية، مثل ما هو داخل الدماغ أو ما هو مدفون في مركز الأرض. إن ما نلاحظه ليس الطبيعة نفسها، ولكنها الطبيعة التي نفطن إليها من خلال البيانات التي نجمعها من الآلات. وبالتالي، تعتمد النظرة العلمية للعالم على المعلومات التي يمكننا الحصول عليها من خلال أدواتنا. وبالنظر إلى محدودية ما لدينا من أدوات، فإن نظرتنا إلى العالم تتصف بالضرورة بقصر النظر؛ فنحن يمكننا أن نرى فقط إلى هذا الحدّ في طبيعة الأشياء، وتعكس رؤيتنا العلمية المتغيرة على الدوام للعالم هذه المحدودية المتأصلة في كيفية إدراكنا للواقع.

فكّر فحسب في علم الأحياء قبل المجهر وبعده، أو قبل وضع تسلسل الجينات وبعده، أو في علم الفلك قبل التلسكوب وبعده، أو في فيزياء الجسيمات قبل المُصادِمات أو الإلكترونيات السريعة وبعدها. الآن، كما كان الحال في القرن السابع عشر، تتغير النظريات التي نبنيها والرؤى العالمية التي نؤصِّل لها بتغيُّر أدواتنا التي نستخدمها في الاستكشاف. إن هذا التوجُّه هو العلامة التجارية للعلم.

في بعض الأحيان ينظر الناس إلى هذا التعبير المتعلق بمحدودية المعرفة العلمية على أنه تعبير انهزامي، فيقولون: ’’إذا لم يكن بمقدورنا التوصُّل إلى حقيقة الأشياء، فلماذا يجب علينا أن نهتم؟‘‘، إن هذا النوع من الردود في غير محله. ليس هناك أي شىء انهزامي بشأن فهم محدودية النهج العلمي نحو المعرفة؛ فلا يزال العلم هو أفضل منهجية لدينا لتأسيس تَوافُق في الآراء حول الأساليب التي تعمل بها الطبيعة. ما يجب أن يتغير هو ذلك الشعور بنشوة الانتصار العلمي -هذا الاعتقاد بعدم وجود أي مسألة تتجاوز المدى الذي يمكن أن تصل إليه المنهجية العلمية.

ثمة أمور من الجليّ أنها ليست قابلة لمعرفتها من خلال العلم -أسئلة منطقية لا يمكننا التوصل إلى إجابات لها ما لم تُخرق قوانين الطبيعة التي تحظى بقبول في الوقت الراهن. أحد الأمثلة على ذلك هو مصطلح الأكوان المتعددة، وهو ذلك التخمين الذي يقول بأن الكون الذي نعيش فيه لا يعدو كونه واحدًا من بين العديد من الأكوان الأخرى، وكل واحد من هذه الأكوان يُحتمل أن تكون له مجموعة مختلفة من قوانين الطبيعة. وتوجد أكوان أخرى واقعة خارج أفقنا السببي، بمعنى أننا لا نستطيع استقبال إشارات منها أو إرسال إشارات إليها. وأي دليل على وجود هذه الأكوان سيكون ظرفيًّا: مثلًا، الندوب في الإشعاع المُختَرِق للفضاء، والتي ترجع إلى تصادُم حدث في الماضي مع أحد الأكوان المجاورة.

يمكن جمع أمثلة أخرى عن الأمور غير القابلة للمعرفة تحت ثلاث مسائل تدور حول الأصول: أصل الكون، وأصل الحياة، وأصل العقل. إن التقديرات العلمية لأصل الكون غير مكتملة لأنها يتحتم أن تعتمد على إطار تصوري لتصل إلى البدء في أن تكون مقبولة: الحفاظ على الطاقة، والنسبية، وفيزياء الكمّ على سبيل المثال. لماذا يعمل الكون وفق هذه القوانين وليس وفق غيرها؟

وعلى المنوال نفسه، ما لم نتمكن من إثبات وجود مسار بيوكيميائي واحد فقط أو مسارات قليلة جدًّا من اللاحياة إلى الحياة، فلا يمكننا أن نعرف على وجه اليقين كيف نشأت الحياة على سطح الأرض. بالنسبة للوعي، تكمن المشكلة في القفز من المادي إلى اللاموضوعي -مثلًا من إطلاق الخلايا العصبية إلى الشعور بالألم أو إدراك اللون الأحمر. ربما يظهر نوعٌ ما من الوعي البدائي في آلة معقدة بما يكفي، لكن كيف يمكننا أن نعرف هذا؟ كيف لنا أن نصل إلى إثبات -في مقابل التخمين- أن شيئًا ما ذو وعي؟

والمفارقة هنا هي أننا نفهم العالم من خلال وعينا، حتى لو كان هذا الفهم منقوصًا. هل يمكننا أن نصل إلى فهم كامل لشيء نُعَدُّ جزءًا منه؟ نحن -مثلنا مثل الثعبان الخرافي الذي يعض ذيله- عالقون في دائرة تبدأ وتنتهي بخبرتنا بهذا العالم التي نعيشها. لا يمكننا فصل وصفنا للواقع عن طريقة اختبارنا للواقع. هذا هو الملعب الذي تكشف فيه لعبة العلوم عن نفسها، وإذا ما لعبنا ملتزمين بالقواعد، فسنتمكن من رؤية الكثير -ولكن إلى حدٍّ معين- مما يقبع وراء حدود إدراكنا.

نُشر هذا المقال في الأصل تحت عنوان ’’ما هو حجم ما نستطيع معرفته؟‘‘.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *