ابتكر فريق من الباحثين في بولندا إشارات مرور ذكية لتنبيه السائقين على الطرق السريعة، عن طريق تزويدهم بمعلومات حول الحركة المرورية، وحالة الطقس، وذلك وقتَ حدوثها، لتجنُّب كثير من المخاطر الطارئة، ومنع حدوث التصادمات، خاصةً في أوقات سوء الأحوال الجوية.
وتتميز هذه الإشارات بقدرتها على تزويد السائقين بهذه المعلومات، باستخدام أجهزة رادار تعمل بتقنية الدوبلر، التي تعتمد على الموجات فوق الصوتية، كما أنها مزودة بكاميرات الفيديو، ورادارات صوتية، بالإضافة إلى محطات للطقس يمكنها التنبؤ بأي تغيُّرات جوية مفاجئة.
تم الكشف عن هذه الإشارات المرورية، التي توصف بأنها الأكثر ذكاءً حتى الآن، خلال الاجتماع الـ179 لأعضاء جمعية الصوتيات الأمريكية، التي تعقد فعالياتها عن بُعد عبر المنصات الإلكترونية، في الفترة بين 7 و10 ديسمبر 2020.
وقدم أندرزيج تشيزيفسكي -أستاذ الوسائط المتعددة في جامعة جدانسك للتكنولوجيا- عرضًا لمشروع بحثه التطبيقي لتطوير إشارات مرورية مستقلة مزودة بأجهزة رادار صوتية مدمجة، خلال جلسة بعنوان "مقارنة تقديرات كثافة حركة المرور باستخدام رادار صوتي سلبي ومستشعر رادار دوبلر بالموجات الدقيقة"، وذلك في اليوم الأول للاجتماعات.
وعن أهمية ابتكار هذه الإشارات الذكية، قال "تشيزيفسكي": يمكننا تطوير مستشعر ناقل صوتي، بما يسمح لنا بمعايرته واستخدامه في قياس حجم كثافة الحركة المرورية على الطرق السريعة، وذلك عن طريق إحصاء عدد المركبات، من خلال تحليل الضوضاء الصادرة عنها في أثناء مرورها.
يضيف "تشيزيفسكي" في تصريحات لـ"للعلم": يتيح عملنا أيضًا عقد مقارنة بين كفاءة استخدام موجات الميكروويف الدقيقة وطرق الرادار الصوتية، ويمكن استخدام الإشارات التي يتم الحصول عليها عن طريق أجهزة رادار الدوبلر كمصدر مرجعي عند الحاجة.
وتابع: رغم أن مستشعر الناقل الصوتي، الذي يشكل تجسيدًا للرادار الصوتي، يكون أقل دقةً من رادار الدوبلر في إحصاء عدد المركبات، كما أنه لا يمكنه قياس سرعة السيارة بالدقة نفسها، إلا أنه يتميز بعدة خصائص رئيسية مقارنةً بأجهزة استشعار الدوبلر.
ولعل أبرز هذه الخصائص تتمثل في أنه لا يُصدر أي إشارات، كما أنه لا يتأثر بالتداخل الكهرومغناطيسي، على عكس مستشعرات الدوبلر، كما أن مستشعر الناقل الصوتي يتيح أيضًا تحليل الإشارات الصوتية، لتقييم الظروف الجوية المختلفة على الطريق، ما إذا كانت رطبة أو جافة.
كما يتيح المشروع تصميم وتطوير إشارات مرورية متنقلة، يمكن وضعها على حامل متحرك، أو تعليقها أعلى الطريق، تنبه السائقين إلى السرعات الموصى بها، والتي يجري تحديثها بصورة ديناميكية، ويتم تحديدها تلقائيًّا بواسطة وحدة إلكترونية مدمجة في الإشارة المرورية على الطريق.
وأشار "تشيزيفسكي" إلى أن هذه الإشارات يجري توزيعها على طول الطريق السريع، ويتم ربطها عبر شبكة اتصالات لاسلكية، وتتميز بأنها يمكن تشغيلها بشكل مستقل، وتعرض بياناتها على شكل رسائل متغيرة، أو إرسالها إلى المركبات المزودة بتقنيات الاتصال اللاسلكي "واي فاي" أو "بلوتوث".
واعتبر أن تصميم وتطوير إشارات مرورية أكثر ذكاءً أمر في غاية الأهمية لحل العديد من المشكلات البحثية والفنية، ومنها تقييم معايير حركة المرور باستخدام أجهزة استشعار فعالة وأقل تكلفة، وحساب السرعات الموصى بها على الطرق المختلفة، مع مراعاة هيكل الطريق.
وأكد قائد فريق البحث أن هذه التكنولوجيا كانت على وشك دخول الخدمة فعليًّا في وقت سابق من العام الجاري، إلا أن تداعيات "جائحة كورونا" تسببت في إبطاء عمليات الإنتاج، مشيرًا إلى أنه بدأ العمل في ذلك المشروع البحثي التطبيقي منذ عام 2017، وتم تصميم المعدات، والحصول على براءة اختراع لها، وبالفعل بدأ تنفيذ اختبارات لها على الطريق.
وأضاف أنه في عام 2020 بدأ الفريق البحثي في دعوة ممثلي الصناعة لعرض المشروع عليهم، ولكن لسوء الحظ، وبسبب الوباء، تم حظر الاجتماعات في الجامعة، ولم يُسمح للباحثين بالسفر إلى المناطق التي تجري تجربة المعدات بها، وهو ما تسبَّب في تأخير تطبيقها عمليًّا.
واختتم "تشيزيفسكي" تصريحاته لـ"للعلم" بقوله: "إن أكثر من 1.3 مليون شخص يلقون مصرعهم سنويًّا بسبب حوادث الطرق في مختلِف أنحاء العالم، وهو عدد أكبر بكثير من الأرواح التي حصدها وباء كورونا حتى الآن، ما يستوجب العمل المتواصل لوضع حد لحوادث الطرق".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق