الموارد التعليمية أصبحت في متناول يدك كل ما يخص الشأن التعليمي في الوطن العربي

آخر المواضيع

الأربعاء، 3 مارس 2021

لماذا تقشعر أبداننا حين نستمع لموسيقانا المفضلة؟



 يصاب نصف البشر بقشعريرة عند الاستماع إلى موسيقاهم المفضلة. إذ تتمتع الموسيقى بالقدرة على إثارة مشاعر إيجابية قوية لدى البشر، من خلال تنشيط نظام المكافأة في الدماغ، وفق دراسة نشرتها دورية "فرونتيرز إن نيوروساينس" (Frontiers in Neuroscience).

تقول الدراسة إن الموسيقى تغمر أنظمة العواطف بالمتعة، وتجعلنا نستعيد الذكريات السعيدة، وتُرسل "قشعريرة" أسفل عمودنا الفقري. لكن لا يعرف الباحثون على وجه الدقة سبب تلك "القشعريرة".

لذا قامت مجموعة من معمل علوم الأعصاب التكاملية والسريرية بجامعة "بورغون فرانش كومتي" الفرنسية بإجراء دراسة على 18 مشاركًا "11 أنثى و7 ذكور" تم استقطابهم عبر إعلانات في الحرم الجامعي والمستشفى الجامعي بمتوسط عمر 40 عامًا.

اختار الباحثون مُشاركين "حساسين" تجاه الموسيقى، شريطة أن يكونوا قد أحسوا بالقشعريرة مرات عديدة في أثناء الاستماع إلى الموسيقى.. كما فضَّل الباحثون هؤلاء الذين لديهم قدرات موسيقية خاصة (كالعزف أو الغناء، أو دراسة سابقة للموسيقى).

وضع المشاركون لائحةً من موسيقاهم المفضلة، وطُلب منهم الاستماع إلى مقطوعاتهم الموسيقية لمدة 15 دقيقة (بمعدل مقطوعة واحدة كل 90 ثانية). وفي أثناء الاستماع، تم إجراء مسح لمخطط كهربية الدماغ عالي الكثافة.

طلب الباحثون من المشاركين تقييم شعورهم الذاتي بالسعادة والإشارة إلى التوقيت الذي تحدث فيه القشعريرة. وأبلغ المشاركون عن حدوث 305 قشعريرات استمر كلٌّ منها حوالي 8.75 ثوانٍ في المتوسط.

عندما عانى المشاركون من قشعريرة، رأى الباحثون نشاطًا كهربائيًّا محددًا في القشرة الأمامية المدارية (منطقة تشارك في المعالجة العاطفية)، ومنطقة منتصف الدماغ التي تشارك في التحكم في الحركة، والفص الصدغي الأيمن، وهو منطقة على الجانب الأيمن من الدماغ يشارك في المعالجة السمعية والتقدير الموسيقي. وتعمل هذه المناطق معًا على معالجة الموسيقى، وتحفيز أنظمة المكافأة في الدماغ، وإفراز الدوبامين، وهو ناقل عصبي مهم له علاقة بالشعور بالسعادة.

ووجد الباحثون أن الترقُّب الممتع للجزء المفضل لدى المشاركين من الأغنية ينجم عن ذلك البرد الوخيم في أسفل الظهر (القشعريرة)، وهي استجابة فسيولوجية يُعتقد أنها تنجم عن نشاط في القشرة الدماغية، ولاحظ الباحثون وجود زيادة في نشاط المخ في المناطق التي توقَّع العلماء كونَها مسؤولةً عن المتعة الموسيقية في الأبحاث السابقة.

وقال الباحثون إنه عند الشعور بقشعريرة موسيقية، فإن الإشارات الكهربائية منخفضة التردد التي تُسمى بـ"نشاط ثيتا" -وهو نوع من النشاط المرتبط بالمكافأة- إما أن تزيد أو تنقص في مناطق الدماغ التي تشارك في المعالجة الموسيقية.

يقول "شابين تيبولت" –عالِم الأعصاب، والمؤلف الأول في الدراسة- في تصريحات خاصة لـ"للعلم": إن "مخطط كهربية الدماغ وفر معلوماتٍ مفيدةً حول المتعة الموسيقية وما ينجم عنها من قشعريرة، وهي تقنية لم يستخدمها الباحثون من قبل للحصول على تلك المعلومات"، مشيرًا إلى أن "العلماء يفضلون استخدام التصوير البوزيتروني بالأشعة على طريقة التخطيط الكهربي البسيطة".

ويشير "تيبولت" إلى أن البحث أثبت أن الموسيقى "لها تأثير على النشاط العصبي للدماغ"، بعد أن نجح الباحثون في الكشف عن "مسؤولية مناطق معينة في الدماغ وتضافرها معًا لإعطائنا متعة في أثناء الاستماع للموسيقى المفضلة".

استمر العمل على تلك الدراسة ٣ سنوات كاملة، ويقول "تيبولت": إن الخطوة التالية في البحث هي محاولة فهم "الآثار المترتبة على نظام المكافأة ونظام الدوبامين في معالجة المتعة الموسيقية، والطريقة التي تشارك بها أيضًا في السلوكيات المحفزة، كالتغذية، والجنس، والمخدرات، وجمع المال"، وهو ما قد يشير إلى وظيفة تطورية للموسيقى اكتسبناها من أسلافنا.

يضيف "تيبولت": إننا بحاجة إلى فهم هذا الجزء من القصة، وهو الأمر الذي من شأنه جلب معلومات جديدة كُليًّا عن تاريخنا وتطورنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *